٥ ـ قد علمت أنّ البرهان الأوّل من نفس الشفاء على اثبات تجرّد النفس هو من أقوى البراهين عندهم على ذلك. وهو البرهان الأوّل في أكثر مصنفات الشيخ لكنّه بدأ في مختصر له موسوم بـ عيون الحكمة بالبرهان السادس الآتى من نفس الشفاء على تجرّدها ، ثمّ أتى بعده بخلاصة البرهان الأوّل من نفس الشفاء ايفاء لحق العيون في الاختصار فقال :
وممّا يوضّح هذا أنّ الصورة المعقولة لو حلّت جسما أو قوّة في جسم لكانت تحتمل الانقسام وكان الأمر الوحداني لا يعقل. وليس يلزم من هذا أنّ الأمر المركب يجب أن لا يعقل بما لا ينقسم؛ وذلك لأنّ وحدة الموضوع لا تمنع كثرة المحمولات فيه ، لكنّ تكثّر الموضوع يوجب أن يكثر المحمول (ط مصر بتحقيق عبد الرحمن بدوى ، ص ٤٣ ـ ٤٤).
ثمّ لا بأس في تقديم الأوّل على السادس مرّة ، وأخرى بالعكس لما تقدّم من أنّهما من غرر تلك البراهين. وقد وصف السادس في النجاة بقوله : «فهذا برهان عظيم ...»
كما سيأتي تفصيله.
٦ ـ قد حرّر الشيخ ذلك البرهان الأوّل من الشفاء في الفصل التاسع من رسالة له في القوى النفسانية بتحرير آخر مع اختصار في البرهان إلّا أنّه قدّم له خمس مقدمات مستنبطة من متن البرهان ، تسهيلا لنيل المراد من البرهان. وهذه الرسالة قد طبعت في مصر مرّة سنة ١٣٢٥ هـ. بتصحيح الفاضل ادورد ابن كرنيليوس فنديك الأمير كاني وضبطه ومقدمته مع شرح كل فصل منها بإشارات منيفة وقد بذل جهده في التصحيح والضبط جدّا ، وأفاد وأجاد بما عمل في طبع الرسالة ونشرها. ومرّة أخرى سنة ١٣٧١ هـ. مع ثلاث رسائل أخرى لابن سينا في النفس باهتمام الدكتور أحمد فؤاد الأهواني. ونحن نأتى بتحرير الشيخ على وفق هذين الطبعين ، ونجعل بعض اختلاف النسخ ممّا أفاده ادورد فنديك ، بين الهلالين بلا نقل رموز النسخ روما للاختصار. قال الشيخ :
الفصل التاسع في إقامة البراهين على جوهرية النفس وغناها عن البدن في القوام