ولذا قال عليهالسلام : «الإمام يضعها حيث يشاء» (١) ، كما صرّحوا عليهمالسلام بذلك أيضا في زكاة المال ، كما عرفت (٢) ، مما ذكرنا ، فظهر أنّ حال الفطرة حال الزكاة في ذلك ، ولذلك قال عليهالسلام لزرارة : «[ف] لا تعطها أنت وأصحابك اليوم إلّا من يعرف» (٣).
ومعلوم ؛ أنّ أوائل زمان الباقر عليهالسلام كان مثل زمان أبيه عليهالسلام بلا شبهة ، لو لم نقل بأنّ أواسطه أيضا كان كذلك.
نعم ؛ ربّما كان في أواخره يوجد قليل من العارفين المستحقّين ، وربّما كان هذا القدر لا يفي لفطرة الجميع ، فلو كان جواز الإعطاء مقصورا في العارف المستحقّ الآخذ لها يلزم الحرج ، بل وتكليف ما لا يطاق ، كما كان الحال في أوائل زمانه وزمان أبيه عليهالسلام ، فصار المناسب حينئذ أنّ مع وجدان العارف المستحقّ لا يجوز أن يعطي غيره ، ومع عدم الوجدان يعطي من لا يعرف ولا ينصب ، كما كان الحال في زمان أبيه عليهالسلام ، وغيره على ما عرفت.
وأمّا الزمان الذي كثر وجود العارف المستحقّ ، مثل زمان الرضا عليهالسلام ومن بعده ، بل وزمان الكاظم عليهالسلام كذلك ، بل أواخر زمان الصادق عليهالسلام كان الإعطاء مقصورا في العارف ، كما هو الحال في الزكاة.
وأمّا أوائل زمان الصادق عليهالسلام ، فيمكن أن يكون الأمر فيه كذلك ، بالنسبة إلى مثل الكوفة لا غير.
وبالجملة ؛ ما ذكرناه ظاهر على المتأمّل في جميع الأخبار الواردة في الزكاة والفطرة ، والعمومات والشواهد التي أشرنا إليها ، فالحقّ مع المانع.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٦٠ الحديث ١٢٢٣٦.
(٢) راجع! الصفحة : ٥٢٢ ـ ٥٢٦ من هذا الكتاب.
(٣) الكافي : ٣ / ٤٩٦ الحديث ١ ، من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٢ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ٤٩ الحديث ١٢٨ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٠٩ الحديث ١١٨٥٦ مع اختلاف يسير.