كتب إليّ أبو الحسين عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا محمد بن يحيى بن إبراهيم ، قال : سمعت محمد بن الحسين يقول : سمعت أبا زيد الفقيه المروزي يقول : سمعت إبراهيم بن شيبان يقول : الخلق محل الآفات ، وأكثر منهم آفة من يأنس بهم أو يسكن إليهم (١).
قال : وسمعت محمد بن الحسين يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت إبراهيم بن شيبان ، وسألته ما الورع؟ قال : الورع أن تسلم مما يختلج منه صدرك من الشّبهات ، ويسلم المسلّمون من شرّ أعصابك ظاهرا وباطنا.
قال : وأنا محمد بن الحسين قال : سمعت الحسن بن إبراهيم القرميسيني يقول : دخلت على إبراهيم بن شيبان فقال لي : لم جئتني؟ قلت : لأخدمك ، قال : استأذنت والديك؟ قلت : نعم ، وأذنا لي فدخل عليه قوم من السوقة ، وقوم من الفقراء فقال لي : قم واخدمهم فنظرت في البيت إلى سفرتين إحداهما جديدة والأخرى خلقة ، فقدّمت الجديدة إلى الفقراء والخلقة إلى السوقة ، وحملت الطعام النظيف إلى الفقراء وغيره إلى السوقة ، فنظر إليّ واستبشر وقال : من علّمك ذا؟ قلت : حسن نيتي فيك ، فقال لي : بارك الله عليك.
فما حلفت بعد ذلك بارا ولا حانثا ، وما عققت والديّ ، وما عقّني أحد من أولادي.
قال : وأنا محمد بن الحسين ، قال : مات إبراهيم بن شيبان سنة ثلاثين وثلاثمائة (٢).
__________________
ويقول الآخر :
وما ثمّ إلا الله ليس سواه
فانظر إلى هذا المروق والضلال ، بل كل ما سوى الله محدث موجود ، قال الله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ).
وإنما أراد قدماء الصوفية بالفناء نسيان المخلوقات وتركها ، وفناء النفس عن التشاغل بما سوى الله ، ولا يسلّم إليهم هذا أيضا ، بل أمرنا الله ورسوله بالتشاغل بالمخلوقات ورؤيتها والإقبال عليها ، وتعظيم خالقها».
(١) مختصر ابن منظور ٤ / ٦٣.
(٢) في سير أعلام ١٥ / ٣٩٤ والوافي ٦ / ٢٠ سنة ٣٣٧ ه.