من أمان ولا مبايعة حتى تأتوني بجابر بن عبد الله صاحب النبي صلىاللهعليهوسلم. فخرج جابر بن عبد الله حتى دخل على أم سلمة خفيا فقال لها : يا أمّه إنّي خشيت على ديني وهذه بيعة ضلالة فقالت له : أرى أن تبايع ، فقد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أن يبايع ، فخرج جابر بن عبد الله فبايع بسر بن أبي أرطأة لمعاوية ، وهدم بسر دورا كثيرا (١) بالمدينة ، ثم خرج حتى أتى مكة فخافه أبو موسى الأشعري وهو يومئذ بمكة فتنحى عنه فبلغ ذلك بسرا فقال : ما كنت لأوذي أبا موسى ، ما أعرفني بحقه وفضله ثم مشى إلى اليمن وعليها يومئذ عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب عاملا لعلي بن أبي طالب فلما بلغ عبيد الله أن بسرا قد توجه إليه هرب إلى علي ، واستخلف عبد الله بن عبد المدان المرادي ، وكانت عائشة بنت عبد الله بن عبد المدان قد ولدت من عبيد الله غلامين من أحسن صبيان الناس وأرضاه وأنظفه فذبحهما ذبحا وكانت أمهما قد هامت بهما وكادت تخالط في عقلها وكانت تنشدهما في الموسم في كل عام تقول (٢) :
ها من أحسّ بنيّيّ اللّذين هما |
|
كالدّرّتين تجلّا (٣) عنهما الصّدف |
ها من أحسّ بابنيّ اللّذين هما |
|
سمعي وقلبي فقلبي اليوم مختطف (٤) |
ها من أحسّ بابنيّ اللّذين هما |
|
مخ العظام فمخي اليوم مزدهف |
حدّثت (٥) بسرا وما صدّقت ما زعموا (٦) |
|
من قولهم ومن الإفك الذي وصفوا (٧) |
أنحى على روحي ابنيّ مرهفة |
|
مشحوذة وكذاك الإثم يعترف (٨) |
من ذا لوالهة حرّى مفجّعة |
|
على صبيّين ضلّا إذ غدا السّلف (٩) |
__________________
(١) كذا.
(٢) الأبيات في الاستيعاب ١ / ١٥٦ هامش الإصابة ، تاريخ ابن الأثير حوادث سنة ٤٠ والكامل للمبرد ٣ / ١٣٨٧ الأغاني ١٥ / ٤٥ والتعازي والمراثي ص ٧٠ وشرح نهج البلاغة ١ / ٤٠٢.
(٣) في الكامل والمراثي : تشظّى.
(٤) في الاستيعاب : «الصدفا ـ مختطفا».
(٥) الكامل والتعازي : نبئت.
(٦) التعازي : ذكروا.
(٧) الكامل والتعازي والاستيعاب : اقترفوا.
(٨) البيت في التعازي :
أنحى على ودجي شبلي مرهفة |
|
بغيا كذا عظيم البغي يقترف |
(٩) في الكامل : من دلّ ... غابا إذ مضى السلف.
وسقط البيت من الاستيعاب والتعازي والمراثي.