شيء. قال : فقال إياس : يا عبد الله بعد ثلاث لا ضير من أنت؟ قال أنا غيلان ، قال : غيلان؟ قال : نعم ، فمن أنت؟ قال : أنا إياس بن معاوية ، قال : أبو واثلة؟ قال : نعم ، فقال : أي إياس هذا من القدر؟ قال : فقال له : إياس إن شئت سألتني وإن شئت سألتك؟ فقال له غيلان : تكلم ، فقال : إن شئت أخبرتك ، بقول أهل الجنة وأهل النار والملائكة والشيطان وقول العرب في أشعارها وقول العجم في أمثالها. قال له غيلان أخبرني بها ، قال : قال أهل الجنة حين دخولها : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ)(١) وقال أهل النار حين دخولها : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا)(٢) وقالت الملائكة : (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا)(٣) وقال الشيطان : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي)(٤) وقالت العرب في أشعارها :
لا يمنعنك الطير شيئا أردته |
|
فقد خطّ بالأقلام ما أنت لاقيا |
وقالت العجم : هرچه ماندندن لو دو نما رازنش.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو محمد بن زبر ، حدّثنا محمد بن سليمان بن داود المنقري ، حدّثنا أبو عثمان المازني ، حدّثنا الأصمعي ، عن عديّ قال : اجتمع إياس بن معاوية وغيلان عند عمر بن عبد العزيز فقال عمر : أنتما مختلفان ، وقد اجتمعتما فتناظرا معا ، فقال إياس : يا أمير المؤمنين إن غيلان صاحب كلام ، وأنا صاحب اختصار ، فإما أن يسألني ويختصر ، أو أسأله وأختصر (٥). فقال غيلان : سل. فقال إياس : أخبرني ما أفضل شيء خلقه الله عزوجل فقال : العقل. قال : فأخبرني عن العقل ، مقسوم أو مقتسم؟ فأمسك غيلان. فقال له : أجب ، فقال : لا جواب عندي. فقال إياس : قد تبين لك أمره يا أمير المؤمنين. إن الله تبارك وتعالى يهب العقول لمن يشاء فمن قسم له منها شيئا ذاده عن المعصية ، ومن تركه تهوّر.
قال الأصمعي وحدّثني غيره : أن غيلانا وإياسا التقيا فتساءلا فقال إياس : أسألك أم
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ٤٣.
(٢) سورة المؤمنون ، الآية : ١٠٦.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٣٢.
(٤) سورة الحجر ، الآية : ٣٩.
(٥) بالأصل : «ويختصر».