قال : فقال : لا ، قلت : وأيش يمنعك من أكلها؟ فقال : أخاف أن آكلها فتدعوني نفسي أن آكل أخرى ، وأخاف إن أكلت أخرى دعتني نفسي إلى ثالثة وأخاف إن أكلت الثالثة أشتكي بطني قال : فردّها ولم يأكلها.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا وأبو منصور بن خيرون ، أخبرنا أبو بكر الخطيب (١) ، أنبأنا أبو الحسن بن أبي بكر ، أنبأنا عيسى بن محمد الطوماري ، حدّثنا أبو صفوان يعني عبد الرّحمن بن حرب السمسار ، قال : سمعت محمد بن المثنّى (٢) يقول : قال لي عمر ابن أخت بشر بن الحارث دخل علينا بشر بن الحارث يوم أضحى ، فقالت له أمي : أحسب أن الكلاب قد شبعت من اللحم في هذا اليوم. قال : فخرج فلما كان العصر جاءنا. ومعه خرقة فيها رطل لحم. فقال لها : اطبخي هذا. قال : قالت : إيش أطبخه؟ [قال : اطبخيه](٣) بماء وملح. قال : فطبخت نصفه بماء وملح ، واشترت بحبة سلقا وطبخت النصف الآخر [به](٤) فلما كان المغرب جاء ومعه رغيف وما رأيناه قط أكل عندنا ، قال : فقال لها : اثردي هذا الرغيف في الماء والملح وهاتيه ، قال : ففعلت وقدمته إليه ، قال : فجعل يأكل الثريد ويدع اللحم. قال : فشالته قال : فلما كان من الغد جاءنا ومعه رغيف ، فقال : إن كان بقي من ذلك الماء والملح شيء فاثردي هذا الرغيف فيه وهاتيه ، فقالت : ما بقي من الماء والملح شيء ، ولكن كنت قد اشتريت بحبة سلقا (٥) وعملت باقي اللحم ، وقد بقي منه شيء ، فقال : ولا هذا أيضا لي فيه حاجة. قالت له : ولم؟ قال : لأن الماء والملح ، قلت لك بقي منه شيء فقلت : لا وكذبت فيه ، وهذا أفسدتيه بسلق لا أدري [من](٦) أين هو.
قال : وأخبرني الحسن بن أبي بكر ، أخبرني أبي ، حدّثنا محمد بن الحسين بن حميد (٧) بن الربيع ، حدّثني أبي ، أخبرني عبد الله بن عبيد البغدادي ، قال : وكان بشر بن الحارث يخرج كل يوم من منزله فيغلق بابه ويضع مفتاحه عند جار له بقّال :
__________________
(١) تاريخ بغداد ٧ / ٧٥.
(٢) بالأصل : محمد بن السمسار المثنى.
(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن تاريخ بغداد.
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن تاريخ بغداد.
(٥) بالأصل «سلق» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٦) ما بين معكوفتين زيادة عن تاريخ بغداد.
(٧) مطموسة بالأصل والمثبت عن تاريخ بغداد.