خشية أن يضيع منه ، فكان يذهب إلى الجبّان فإذا جاء وقت المغرب جاء إلى البقّال فسلّم وأخذ المفتاح فكان هذا دأبه ، فكان البقّال يحدث عنه. قال : فجاء يوما وقد عملت باذنجان بأصباغه. فنظر إليه فعلمت أنه قد اشتهاه قال : فتبعته. قلت : بأبي هذا الباذنجان تعمله بنية لي من غزل تغزله وأبيعه لها ، فخذ منه ما شئت قال : فقال : ارجع حفظك الله ، قال : فرجعت ومضى. وقفت أنظر في قفاه ، قال : فسمعته يقول : هيه افتضحت ـ يخاطب نفسه ـ تشتهين باذنجان بأصباغه ، والله لا تذوقيه حتى تفارقي الدنيا. قال ومضى.
أنبأنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ (١) ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن خفيف (٢) فيما كتب إليّ قال : قال محمد بن الهيثم كنت أدخل على أخت بشر في صغري فأعطتني يوما كبة من غزل فقالت : بع هذه الكبة [و](٣) اشتر خبزا وسمكا ، ففعلت ، فدخل بشر والخبز والسمك موضوع ، فقال بشر : ما هذا الطعام؟ قالت : رأيت أمي وأمك في المنام ، فقالت : إن أردت فرحي وإدخالك السرور عليّ فبيعي من غزلك واشتري (٤) خبزا وسمكا فإن أخاك بشرا يشتهيهما ، قالت : فلما ذكرت أمي وأمه بكى وقال : رحمها الله ، ـ تغتمّ لي حية [وميتة](٥) فقال بشر : إنّي لأشتهيه منذ خمس (٦) وعشرين سنة ، ما كان الله يراني أن أرجع في شيء تركته لله.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أبو الحسين بن النّقّور ، أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن النّضر الديباجي ، حدّثنا محمد بن حمدوية المروذي ، حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، عن بشر بن الحارث أنه كان يعامل بقّالا فلما حضره الموت دعاه فقال : اطرح عليّ حسابك ، فطرح عليه ثمان حبات.
أخبرنا أبو الحسن الدّينوري ، حدّثنا أبو الحسن بن القزويني ، حدّثنا يوسف بن عمر ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله المصري ـ البزّار إملاء من لفظه ـ حدّثنا هشام (٧) قال :
__________________
(١) بالأصل «الحداد» مقحمة والصواب ما أثبت ، والخبر في الحلية ٨ / ٣٥٣.
(٢) في الحلية : حنيف.
(٣) الزيادة عن حلية الأولياء.
(٤) بالأصل : واشتر.
(٥) الزيادة عن حلية الأولياء.
(٦) بالأصل : خمسة.
(٧) كذا بالأصل وفي المطبوعة ١٠ / ٥٧ خشنام.