على كرسي ، ثم سمر يديه في الحائط ، ثم انتزع الكرسي من تحت رجليه ، فلا يزال يتشحط (١) حتى يموت. وإنه ضرب البعث على رجل حديث عهد بعرس ابنة عمه. فلما صار في مركزه كتب إلى ابنة عمّه كتابا ثم كتب في أسفله :
لو لا خلافة بشر أو عقوبته |
|
وأن يرى حاسد كفّي بمسمار (٢) |
إذا تعطلت ثغري ثم زرتكم |
|
إنّ المحبّ إذا ما اشتاق زوار |
قال : فورد الكتاب على ابنة عمّه فأجابته عن كتابه ثم كتبت في أسفله :
ليس المحبّ الذي يخشى العقاب ولو |
|
كانت عقوبته في فجوة النار |
بل المحبّ الذي لا شيء يفزعه |
|
أو يستقرّ ومن يهواه في الدّار |
فلما قرأ كتابها قال : لا خير في الحياة بعدها ، فأقبل حتى دخل المدينة ، فأتى بشر بن مروان في وقت غدائه فلما فرغ من غدائه ، أدخل عليه فقال : ما الذي دعاك إلى تعطيل ثغرك؟ أما سمعت نداءنا وإيعادنا؟ فقال له : اسمع عذري ، فإما غفرت وإما عاقبت ، قال : ويلك وهل لمثلك من عذر. فقصّ عليه قصته وقصة ابنة عمه فقال : أولى لك ، قال : يا غلام حطّ [اسمه](٣) من البعث ، واعطه عشرة آلاف (٤) درهم. الحق بابنة عمك.
أنبأنا أبو القاسم العلوي ، حدّثنا عبد العزيز الكتاني ، حدّثنا تمّام الرازي ، حدّثني أبي أبو الحسين ، حدّثني أبو الطّيّب محمد بن حميد بن سليمان ، حدّثنا محمد بن سليمان بن داود المنقري ، حدّثنا موسى بن محمد الأنصاري ، حدّثني محمد بن الأسود ، قال : كان فتى من أهل [البصرة](٥) محبّا لابنة عم له ، وكانت له كذلك. وأنه خرج في جند المهلّب إلى قتال الأزارقة فكان لا يزال ينصرف إلى البصرة ويترك العسكر شوقا إلى ابنة عم له ، فأخذه مصعب في ناس من العصاة فبعث بهم إلى المهلّب فضربهم وأغرمهم فكان ذلك لا يمنع الفتى من المجيء إلى ابنة عمه لما لها في قلبه من المودّة حتى قتل مصعب وولي بشر بن مروان ، فأخذ ناسا من العصاة وتخلّفوا عن العسكر فأقامهم على الكراسي ثم سمّر
__________________
(١) في المطبوعة : يتخبط.
(٢) في البيت إقواء ، وفي المختصر والمطبوعة : لو لا مخافة بشر.
(٣) سقطت من الأصل واستدركت عن المختصر والمطبوعة ١٠ / ١١٥.
(٤) بالأصل : ألف.
(٥) زيادة عن المطبوعة.