أكفّهم إلى الحيطان ، ثم نزع الكراسي من تحتهم ، فبلغ ذلك الفتى وهو في عسكر المهلّب فغمّه ذلك وبلغ منه إبطاؤه عن بنت عمه فكتب إليها :
لو لا مخافة بشر أو عقوبته |
|
وأن ينوطني بالكفّ مسمار |
إذا تعطلت ثغري ثم زرتكم |
|
إنّ المحب إذا ما اشتاق زوار |
فلما انتهى إليها كتابه وقرأته كتبت إليه :
إنّ المحب الذي لا عيش ينفعه |
|
أو يستقر ومن يهواه في دار |
ليس المحبّ الذي يخشى العقاب ولو |
|
كانت عقوبته في كبّة النار |
فلما أتاه كتابها استحيا حياء شديدا ولم يأخذه القرار حتى أقبل إلى البصرة وهو يقول :
أستغفر الله إذ خفت الأمير ولم |
|
أخش العقوبة منها غير منتصر |
فسار بشر بكفّي فيعلّقها (١) |
|
أو يقف عفو أمير خير مقتدر |
فما أبالي إذا أمسيت راضية |
|
ما نيل يا هند من شعري ومن بشري |
إن (٢) السخي نفسي إذ غضب ولو |
|
ألقيت للسبع أو ألقيت في سقر |
ثم دخل البصرة فلما وصل إلى أهله حتى غمز (٣) به ، فأتى بشرا فقال له : يا فاسق تدخل البصرة وأنت عاص لله ولولاة الأمر ، ثم أمر به أن يسمّر كفّاه فقال : أيها الأمير اسمع عذري ، فقال : وما عذرك فيما أتيت؟ فقصّ عليه قصته وقصة ابنة عمه وشدّة وجده بها ، وأنشده الشعر ، فرقّ له بشر وأحسن جائزته وخلّى سبيله.
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم بن الحسن رحمه [الله] قال :
قرأت على أبي عبد الله بن البنّا ، عن أبي تمّام الواسطي ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنبأنا أبو الطّيّب محمد بن القاسم بن جعفر ، حدّثنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، أخبرنا سليمان بن أبي شيخ ، حدّثنا محمد بن الحكم عن عوانة عن راذي جد يزيد بن هارون
__________________
(١) كذا بالأصل وفي المطبوعة :
إن شاء بشر منها كفي يعلقها |
|
أو يعف ......... |
(٢) في المطبوعة : أنا السخي بنفسي إذا غضبت ولو.
(٣) رسمها غير واضح بالأصل وم ، والمثبت عن المطبوعة ١٠ / ١١٦.