قرأت على أبي محمد السّلمي عن أبي بكر الخطيب ، أنبأنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا الحسن بن محمد بن كيسان النحوي ، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، حدّثنا نصر بن علي [نا] الأصمعي ، حدّثنا الحارث بن عمير ، عن أيوب ، قال (١) : غزا (٢) الحتات وجارية بن قدامة والأحنف : فرجع الحتات فقال لمعاوية : فضّلت عليّ محرّقا ومخذّلا ، يعني بالمحرّق جارية بن قدامة لأنه كان حرق دار الإمارة ، والأحنف خذّل عن عائشة والزبير. قال : إذا اشتريت منهما ذمتهما (٣) ، قال : وأنت فاشتر مني ديني.
نصر بن علي هو الّذي سمى المحرّق والمخذّل بيّن ذلك الدارقطني في رواية لهذه الحكاية عن ابن كيسان.
أخبرنا أبو بكر (٤) ، أنبأنا أبو أحمد الحسن بن عبيد الله العسكري ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد ، أخبرني عمي الحسين بن دريد ، أنا حاتم بن قبيصة ، عن ابن الكلبي ، قال : كان الحتات عمّ الفرزدق. وفد على معاوية والأحنف بن قيس ، وجارية بن قدامة السّعدي ، ففضّلهما على الحتات في الجائزة ، ولم يعلم ذلك الحتات ، فلما خرجوا علم به فرجع إليه ، وقال : أفضّلت عليّ محرّقا ومخذّلا؟ فقال معاوية : إنما اشتريت منهما دينهما. قال : وديني أيضا فاشتره ، فألحقه بهما ، فخرج الحتات فمات في الطريق ، فبعث معاوية فأخذ المال ، فوفد الفرزدق على معاوية فقال (٥) :
أبوك وعمي يا معاوي أورثا |
|
تراثا فأولى (٦) بالتراث أقاربه |
فما بال ميراث الحتات أخذته (٧) |
|
وميراث صخر جامد لك ذائبه |
فلو كان هذا الأمر (٨) في جاهليّة |
|
عرفت من المولى القليل حلائبه |
__________________
(١) الخبر في الاستيعاب والإصابة وأسد الغابة والوافي بالوفيات.
(٢) كذا وفي الوافي «غدا» وفي أسد الغابة ١ / ٤٥٤ «قدم».
(٣) رسمها غير واضح وما أثبت عن الإصابة ، وفي المصادر الأخرى : دينهما.
(٤) بعدها في المطبوعة ١٠ / ١٣٩ «اللفتواني ، أنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر ، أنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر».
(٥) الأبيات في ديوانه ط بيروت ١١ / ٤٥ و ٥٢ ـ ٥٣ والخبر والأبيات في الطبري ٥ / ٢٤٣ والأول والثاني في ابن هشام ٤ / ٢٠٦ والإصابة ١ / ٣١١ والاستيعاب ١ / ٣٩٦.
(٦) الديوان : فيحتاز.
(٧) الديوان : أتأكل ميراث الحثاث ظلامة وميراث حرب.
(٨) الديوان : «الدين» وفي موضع آخر : الحكم.