منصور ، حدّثني عمر بن بكير ، قال : مرّ إياس بن معاوية فسمع قراءة من علية فقال : هذه امرأة حامل بغلام فقيل فقال : سمعت صوتها ونفسها يخالطه فعلمت أنها حامل ، وسمعت صوتا ضحلا فعلمت أنه غلام. ومرّ بعد حين بكتّاب فيه صبيان فنظر إلى صبيّ منهم فقال : هذا ابن تلك المرأة (١).
وكان يوما جالسا في المسجد فدخل من بابه ثلاث نسوة فقال : الأولى ثكلى والثانية حبلى والثالثة حائض ، فسأل عنهن فكنّ كما قال : فقال : رأيت الأولى تنظر إلى الأحداث وترد طرفا كليلا فعلمت أنها ثكلى (٢) ، ورأيت الثانية تمشي وتعتمد على وركها الأيسر فعلمت أنها حبلى ، ورأيت الثالثة تريد الدخول إلى البيت وتتهيب فعلمت أنها حائض.
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أحمد بن عبد الله المحاملي ، قال : وجدت في كتاب جدي القاضي أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل ـ بخط يده ـ حدّثنا أحمد بن منصور ، حدّثنا نعيم بن حمّاد ، أخبرني إبراهيم بن مرزوق البصري (٣) قال : كنا عند إياس بن معاوية قبل أن يستقضى ، قال : وكنا نكتب (٤) عنه الفراسة كما نكتب من صاحب الحديث الحديث قال : إذ جاء رجل فجلس على دكان (٥) مرتفع بالمربد فجعل يترصّد الطريق فبينما هو كذلك ، إذ (٦) نزل فاستقبل رجلا في وجهه (٧) ثم رجع إلى موضعه. قال : فقال إياس بن معاوية : قولوا في هذا الرجل قالوا : ما نقول؟ رجل طالب حاجة ، قال : فقال : معلّم صبيان قد أبق له غلام أعور ، فإن أردتم أن تستفهموه ذلك فقوموا إليه فاسألوه. قال : فقام إليه بعضنا فقال له : إنّا نراك منذ اليوم هاهنا ألك حاجة تستعين بنا على شيء؟ قال : فقال : لي غلام نساج كان يغل علينا ، وقد زاع منذ أيام ، قال : فقالوا : صف لنا غلامك وصف لنا موضعك ، قال : فقال أما أنا فأعلم الصبيان بالكلإ (٨) ، وأما غلامي فغلام من صفته كذا وكذا إحدى عينيه ذاهبة. قال : فرجعنا إليه فقلنا
__________________
(١) الخبر في أخبار القضاة ١ / ٣٦٢ باختلاف الرواية.
(٢) بالأصل «بكر» وفي م : تكلى ولعل الصواب ما أثبت ، حسب مقتضى سياق الخبر.
(٣) رسمها غير واضح بالأصل ، والمثبت عن أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣٢٨.
(٤) بالأصل في الموضعين «يكتب» والمثبت عن م وانظر أخبار القضاة.
(٥) رسمها غير واضح بالأصل ، والمثبت عن م وانظر أخبار القضاة.
(٦) بالأصل «إذا».
(٧) يعني أنه نظر في وجهه.
(٨) في التهذيب : بالأجر.