أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدّثنا عبد الأعلى بن حمّاد بن نصر النّرسي ، حدّثنا مروان بن عبد الواحد أبو الحكم ، عن موسى بن أبي درم ، عن وهب بن منبّه قال : بلغ ابن عباس ، عن مجلس كان في المسجد الحرام مما يلي باب بني سهم يجلس فيه ناس من قريش يختصمون ترتفع أصواتهم ، فقال ابن عباس : انطلق بنا إليهم قال : فانطلقنا حتى وقفنا عليهم ، فقال لي ابن عباس : أخبرهم بما كلّم به الفتى أيوب وهو في بلائه ، قال الفتى : يا أيوب أما كان في عظمة الله وذكر الموت ما يكلّ لسانك ويكسر قلبك ويقطع حجّتك؟ يا أيوب أما علمت أن لله عبادا أسكتتهم خشية الله من غير عيّ ولا بكم ، وأنهم النطقاء الفصحاء الألبّاء الطلقاء العالمون بالله وآياته ، ولكنهم إذا ذكروا تقطعت قلوبهم وكلّت ألسنتهم ، وطاشت عقولهم وأحلامهم ، وإذا استفاقوا من ذلك استقبلوا إلى الله بالأعمال الزاكية ، لا يستكثرون لله عزوجل الكثير ، ولا يرضون له بالقليل ، يعدون أنفسهم مع الظالمين (١) وأنهم لأنزاه أبرار ومع المضيعين والمفرطين وانهم لأكياس أقوياء ناحلون دائبون ، يراهم الجاهل يقول من مرض ، وقد خالط القوم ، أمر عظيم.
قال مروان : وكتب رجل إلى ابن عباس قال على أثر كلام وهب : وكفى بك ظالما أن لا تزال مخاصما ، وكفى بك آثما أن لا تزال مماريا ، وكفى بك كاذبا أن لا تزال محدثا في غير ذات الله عزوجل.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ ، أنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو بكر الشحّام ، حدّثنا محمد بن يحيى الذّهلي ، حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصّنعاني ، حدّثنا إبراهيم بن عقيل ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه ، قال : كان ابن عباس جالسا في المسجد الحرام ومعه وهب بن منبّه فنهض ابن عباس يتهادى على عطاء بن أبي رباح وعكرمة فلما دنا من باب المسجد إذا هو بقوم يتجادلون قد علت أصواتهم فوقف ابن عباس عليهم وقال لعكرمة : ادع لي ابن منبه فدعاه ، فقال له ابن عباس : حدّث هؤلاء حديث الفتى قال : نعم ، قال : لما اشتد الجدال بين أيوب وأصحابه قال فتى كان معهم لأصحاب أيوب في الجدال قولا شديدا ثم أقبل على أيوب
__________________
(١) بالأصل «الظالمون».