يحيى بن محمد بن صاعد ، حدّثنا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك ، أنا عبد الله بن الورد ، قال : قال الله عزوجل يا أيوب أما علمت أنّ لي عبادا علماء حكماء لطفاء أسكتتهم (١) خشيتي.
قال : وأنا عبد الله بن المبارك أنا أبو الحكم ، حدّثنا موسى بن أبي كريم قال أبو كردم قال أبو محمد ، كذا قال : وقال غيره : ابن أبي درم عن وهب بن منبّه قال : بلغ ابن عباس ، عن مجلس كان في ناحية باب بني سهم يجلس فيه ناس من قريش فيختصمون فترتفع أصواتهم ، فقال لي ابن عباس : انطلق بنا إليهم فانطلقنا حتى وقفنا عليهم ، فقال ابن عباس أخبرهم عن كلام الفتى الذي كلّم به أيوب وهو في حاله ، قال وهب : فقلت : قال الفتى : يا أيوب أما كان في عظمة الله وذكر الموت ما يكلّ لسانك ، ويقطع قلبك ويكسر حجتك؟ يا أيوب : أما علمت أن لله عبادا أسكتتهم خشية الله من غير عيّ ولا بكم ، وأنهم الفصحاء الطلقاء الألبّاء العالمون بالله وآياته (٢) ، ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله تقطّعت قلوبهم ، وكلّت ألسنتهم ، وطاشت عقولهم وأحلامهم فرقا من الله وهيبة له ، فإذا استفاقوا من ذلك استقبلوا (٣) إلى الله بالأعمال الزاكية ، لا يستكثرون لله الكثير ، ولا يرضون له بالقليل ، يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين ، وانهم لأنزاه أبرار أخيار ومع المضيعين المفرطين ، وانّهم لأكياس أقوياء ناحلون دائبون ، يراهم الجاهل فيقول مرضى ، وليسوا بمرضى وقد خولطوا وقد خالط القوم أمر عظيم.
وقال ابن صاعد : وحدّثناه يعقوب بن إبراهيم الدّورقي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي ، حدّثني مروان بن عبد الواحد ، حدّثنا موسى بن أبي درهم ، حدّثنا وهب بن منبّه قال : بلغ ابن عباس أن ناسا من قريش يجلسون في المسجد الحرام من ناحية بني سهم فيختصمون فترتفع أصواتهم فقال لي انطلق بنا إليهم ، فأتاه فوقف عليهم ، ثم قال : حدّثهم بالكلام الذي كلّم به الفتى أيوب وهو في بلائه ، قال : فقلت : قال الفتى : يا أيوب ، أما كان في عظمة الله وذكر الموت ثم ذكر مثله إلى آخر قوله وقد خالط القوم أمر عظيم. رواه عبد الأعلى بن حمّاد النّرسي ، عن أبي الحكم مروان بن عبد الواحد.
__________________
(١) بالأصل «أسكنتهم».
(٢) رسمها غير واضح بالأصل وم والمثبت عن مختصر ابن منظور ٥ / ١١٣.
(٣) في المختصر : استبقوا.