٣٩٨ ـ تجلّد ، لا يقل هولاء هذا |
|
بكى لما بكى أسفا وغيظا (١) |
فليس بلغة ، بل هو تخفيف : هؤلاء ، بحذف ألف «ها» ، وقلب همزة «أولاء» واوا ،
قوله : «ويلحق بها حرف التنبيه» ، يعني «ها» ، إنما تلحق من جملة المفردات : أسماء الإشارة كثيرا ، لأن تعريف أسماء الإشارة في أصل الوضع ، بما يقترن بها من إشارة المتكلم الحسية ، فيجيئ في أوائلها بحرف ينبّه به المتكلم المخاطب ، حتى يلتفت إليه وينظر : إلى أي شيء يشير من الأشياء الحاضرة ، فلا جرم ، لم يؤت بها إلا فيما يمكن مشاهدته وإبصاره ، من الحاضر ، والمتوسط ؛ فهذا ، أكثر استعمالا من : هذاك ، لأن تنبيه المخاطب لإبصار الحاضر الذي يسهل إبصاره أولى من تنبيهه لإبصار المتوسط ، الذي بما يحول بينه وبينه حائل ، ولم يدخل (٢) في البعيد الذي لا يمكن إبصاره ، إذ لا ينبّه العاقل أحدا ليرى ما ليس في مرأى ، فلذلك قالوا : لا تجتمع «ها» مع اللام ؛
قوله : «ويتصل بها حرف الخطاب» ، قد دلّلنا عند ذكر الفصل (٣) ، على كون هذه الكاف حرفا ، لا اسما ، ويؤيّد ذلك من حيث اللفظ : امتناع وقوع الظاهر موقعها ، ولو كان اسما لم يمتنع ذلك ، كما في كاف : ضربتك ؛
ولنذكر ههنا علة تخصيص المتوسط والغائب البعيد بها ، دون القريب ، فإن فائدتها قد ذكرناها عند الفصل (٤) ، فنقول :
إن وضع أسماء الإشارة للحضور والقرب ، على ما قلنا ، إنه للمشار إليه حسّا ؛ ولا يشار بالإشارة الحسية في الأغلب إلا إلى الحاضر الذي يصلح لكونه مخاطبا ، فلما اتصلت كاف الخطاب به ، وكان متمحضا بالوضع للحضور بحيث صلح لكونه مخاطبا ،
__________________
(١) تعرض البغدادي لذكر رواية أخرى في هذا البيت لا تخرجه عن هذا الاستشهاد ،. ثم قال : لا أدري أي الروايتين؟ لأني لم أقف عليه بأكثر من هذا ، والله أعلم ، ولم يتعرض غير البغدادي لنسبة هذا البيت ؛
(٢) أي حرف التنبيه ،
(٣) أي صيغة الضمير التي تسمى فصلا ، في البحث الذي سبق ،
(٤) هي الدلالة على كون اسم الإشارة الذي قبله مخاطبا به مفرد أو مثنى الخ ،