أراد فلو أنه حقّ ، ولو لم يرد الهاء لكان الكلام محالا ، وقال الأعشى :
[١٠٧] إنّ من لام في بني بنت حسّا |
|
ن ألمه وأعصه في الخطوب |
______________________________________________________
الضرائر ، و «لو» ههنا للتمني ، وحق : أي ثبت ، و «سرح» في هذا البيت اسم رجل ، والاستشهاد بالبيت في قوله «ولو أن حق اليوم منكم» حيث وقع الفعل الماضي ـ الذي هو قوله «حق» ـ بعد إن المؤكدة الناصبة للاسم الرافعة للخبر ، في ظاهر اللفظ ، ولو أبقى الكلام على ظاهره لكان كلاما فاسدا ؛ لأن «إن» المشددة وأخواتها مختصة بالدخول على الجمل الإسمية وأن تعمل فيها النصب والرفع ، إلا إذا اقترنت بهن «ما» فإن اقترنت بهن «ما» جاز دخولها على الجمل الفعلية. ولم تقترن «ما» بإن في هذا البيت ، فوجب أن يكون ثمة محذوف يقدر دخول إن عليه لكي يصح الكلام ، وقد قدر بعض العلماء أن المحذوف في هذا البيت ضمير الشأن والقصة ، وعلى هذا يكون تقدير الكلام : ولو أنه (أي الحال والشأن) حق اليوم منكم إقامة ، فيكون اسم إن هو هذا الضمير وخبرها هو الجملة الفعلية ، وقدره جماعة آخرون ضمير خطاب ، وعلى هذا يكون أصل الكلام : ولو أنكم حق اليوم منكم إقامة ، والعلماء يجعلون التقدير الثاني خيرا من التقدير الأول.
ونظير هذا البيت قول الشاعر ، وهو من شواهد الرضي :
كأن على عرنينه وجبينه |
|
أقام شعاع الشمس أو طلع البدر |
أراد كأنه (أي الحال والشأن) أقام على عرنينه وجبينه شعاع الشمس ، ومثلهما قول الآخر :
فلا تشتم المولى وتبلغ أذاته |
|
فإن به تثأى الأمور وترأب |
أراد فإنه (أي الحال والشأن) تثأى به الأمور ـ أي تصلح ـ وترأب ، ونظير ذلك البيتان الآتيان برقمي ١١٠ و ١١١.
[١٠٧] هذا البيت من كلام الأعشى ميمون بن قيس من قصيدة يمدح فيها أبا الأشعث بن قيس الكندي ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٤٣٩) وشواهد الرضي في شرح الكافية ، وقد شرحه البغدادي في الخزانة (٣ / ٤٦٣) وشواهد ابن يعيش في شرح المفصل (ص ٤٣٥ أوربة) وحسان : أحد تبابعة اليمن ، والاستشهاد بالبيت في قوله «إن من لام ـ الخ» فإن «من» التي دخلت عليها «إن» في هذا البيت شرطية تطلب فعلين أحدهما فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه ؛ والدليل على أنها شرطية أن الجواب الذي هو قوله «ألمه» وما عطف عليه مجزومان ، ومن المعلوم أن أسماء الشرط لها صدر الكلام ، نعني أنه لا يجوز أن تقع إلا في أول الجملة التي هي منها ، وعلى هذا لا يجوز أن تكون «من» هذه اسما لأن ، وقد خرج العلماء هذا الكلام على تقدير ضمير الشأن والحال ، وعلى أن يكون هذا الضمير المقدر هو اسم إن ، وتكون «من» الشرطية مبتدأ ، وخبره هو جملة الشرط وحدها أو جملة الجواب وحدها أو الجملتان معا ، ونحن نرجح الثالث ، وجملة المبتدأ والخبر في محل رفع خبر إن.
ونظير هذا البيت قول الأخطل التغلبي :
إن من يدخل الكنيسة يوما |
|
يلق فيها جآذرا وظباء |
والتقدير فيه : إنه (أي الحال والشأن) من يدخل الكنيسة ـ الخ. ـ