وقال أميّة بن أبي الصّلت :
[١٠٨] ولكنّ من لا يلق أمرا ينوبه |
|
بعدّته ينزل به وهو أعزل |
وقال الآخر :
[١٠٩] فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتي |
|
ولكنّ زنجيّ عظيم المشافر |
______________________________________________________
هذا وبيت الأعشى يروى :
* من يلمني على بني بنت حسان*
وهذا هو الموجود في ديوانه ، وعلى هذا لا يكون في البيت شاهد لما جاء به المؤلف من أجله.
[١٠٨] هذا البيت كما قال المؤلف لأمية بن أبي الصلت ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٤٣٩) وينوبه : مضارع نابه الأمر ، أي نزل به ، والأعزل : الذي ليس معه سلاح. يقول : من لم يتخذ لنوازل الدهر العدة قبل أن تنزل به ، فإنها ستدهمه وتنزل به في الوقت الذي لا يكون معه من عدد الدفاع شيء فلا ينجو منها ، يرغب في أن يتبصر الإنسان العواقب ويهيّئ نفسه لملاقاة المصاعب وهو قادر على حلها. والاستشهاد بالبيت في قوله «ولكن من لا يلق أمرا ـ الخ» فإن «من» في هذا الكلام شرطية ، بدليل أنها جزمت الشرط الذي هو قوله «يلق» بحذف الألف وجزمت الجواب الذي هو قوله «ينزل به» بالسكون ، وقد علمنا أن أسماء الشرط لا يعمل فيها ما قبلها ، نعني أنها لا بدّ أن تتصدر جملتها فلا يتقدم عليها شيء من جملتها ولا العامل فيها ، وقد تقدم على «من» الشرطية في هذا البيت «لكن» ومن أجل هذا قال العلماء : إن اسم لكن في هذا البيت ضمير الشأن محذوفا ، وإن «من» مبتدأ خبره ما بعده على ما بيّناه في شرح الشاهد السابق ، وجملة المبتدأ والخبر في محل رفع خبر لكن ، وعلى هذا تكون «من» واقعة في صدر جملتها نظير ما ذكرناه في الشاهد ١٠٧.
[١٠٩] هذا البيت من كلام الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة ، وقد أنشده ابن منظور (ش ف ر) وسيبويه (١ / ٢٨٢) ورضي الدين في باب إن وأخواتها من شرح الكافية ، وهو باب الحروف المشبهة بالفعل ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٤ / ٣٧٨) ورواه ابن يعيش في شرح المفصل (ص ١١٣٨) وابن هشام في مغني اللبيب (رقم ٤٨٦) وكلهم يروي قافيته على الوجه الذي رواها المؤلف عليه ، والصواب في إنشاده :
فلو كنت ضبيا عرفت قرابتي |
|
ولكن زنجيا غلاظا مشافره |
والمشفر ـ بوزن المنبر أو المقعد ـ للبعير مثل الشفة للإنسان ، والاستشهاد بالبيت على الرواية التي ذكرها النحاة في قوله «ولكن زنجي» حيث حذف اسم لكن ، وهو غير ضمير الشأن ، والتقدير : ولكنك زنجي غليظ المشافر ، وحذف اسم لكن وأخواتها لا يجوز إلا أن يكون هذا الاسم ضمير الشأن ، والاسم المقدر في هذا البيت ضمير المخاطب على ما عرفت ، ولهذا رأى العلماء أن الحذف في هذا البيت ضرورة ، وقد رواه ابن منظور «ولكن زنجيا» بالنصب فيكون المحذوف هو خبر لكن ، والتقدير : ولكن زنجيا عظيم المشافر لا