المفضل بن سلمة ـ إن أصله لله إنّك لوسيمة ، فحذفت لامان من لله ، والهمزة من إن ، فبقى «لهنك» فسقط الاحتجاج به على كلا المذهبين.
وأما قولهم «إن الحرف قد يوصل في أوله نحو هذا» قلنا : هذا إنما جاء قليلا على خلاف الأصل لدليل دل عليه ؛ فبقينا فيما عداه على الأصل ، ولا يدخل هذا في القياس فيقاس عليه.
وأما قولهم «إن كم مالك أصلها ما زيدت عليها الكاف» قلنا : لا نسلم ، بل هذا شيء تدّعونه على أصلكم ، وسنبين فساده في موضعه إن شاء الله تعالى.
وأما قولهم «إن لن أصلها لا أن» قلنا : لا نسلم ، بل هو حرف غير مركب ، وقد نص سيبويه على ذلك ، والذي يدل على أنه غير مركب من لا [وأن] أنه يجوز أن يقال : أما زيدا فلن أضرب ، ولو كان كما زعموا لما جاء (١) ذلك ؛ لأن ما بعد أن لا يجوز أن يعمل فيما قبلها.
قولهم «إن الحروف إذا ركبت تغير حكمها عما كانت عليه قبل التركيب كهلّا» قلنا : إنما تغير حكم هلّا لأن هلّا ذهب منها معنى الاستفهام ؛ فجاز أن يتغير حكمها ، وأما لن فمعنى النفي باق فيها ؛ أن لا يتغير حكمها ، فبان الفرق بينهما.
وأما قولهم «إنه يجوز العطف على موضع لكنّ كما يجوز العطف على موضع إنّ ؛ فدل على أنّ الأصل فيها إنّ» قلنا : لا نسلم أنه إنما جاز العطف على موضع لكن لأن أصلها إن ، وإنما جاز ذلك لأن لكن لا تغير معنى الابتداء ؛ لأن معناها الاستدراك ، والاستدراك لا يزيل معنى الابتداء والاستئناف ؛ فجاز أن يعطف على موضعها كإنّ ؛ لأن إنّ إنما جاز أن يعطف على موضعها دون سائر أخواتها لأنها لم تغير معنى الابتداء ، بخلاف كأن وليت ولعل ؛ لأن كأن أدخلت في الكلام معنى [٩٥] التشبيه ، وليت أدخلت في الكلام معنى التمني ، ولعل أدخلت في الكلام معنى الترجّي ، فتغير معنى الابتداء ، فلم يجز العطف على موضع الابتداء لزواله ، فأما لكن لما كان معناها الاستدراك وهو لا يزيل معنى الابتداء والاستئناف جاز العطف على موضعها كإنّ ، على أنه من النحويين من يذهب إلى زوال معنى الابتداء مع لكن فلا يجوز العطف على موضعها.
والذي يدل على أن لكن مخالفة لإنّ في دخول اللام معها أنه لم يأت في كلامهم دخول اللام على اسمها إذا كان خبرها ظرفا أو حرف جر نحو «لكنّ عندك
__________________
(١) ربما كان أصل العبارة «لما جاز ذلك».