لزيدا ، أو لكنّ في الدار لعمرا» كما جاء ذلك في إنّ ، فلما لم يأت ذلك في شيء من كلامهم ولا نقل في شيء من أشعارهم دل أنه لا يجوز دخول اللام في خبرها ؛ لأن مجيئه في اسمها مقدم في الرتبة على مجيئه في خبرها ، وإذا لم تدخل اللام في اسمها فأن لا تدخل في خبرها كان ذلك من طريق الأولى.
وبيان هذا وهو أن الأصل في هذه اللام أن تكون متقدمة في صدر الكلام ؛ فكان ينبغي أن تكون مقدّمة على إنّ ، إلا أنه لما كانت [اللام] للتأكيد وإن للتأكيد لم يجمعوا بين حرفي تأكيد ؛ فكان الأصل يقتضي أن تنقل عن صدر الكلام وتدخل الاسم ؛ لأنه أقرب إليه من الخبر ، إلا أنه لما كان الاسم يلي إنّ كرهوا أن يدخلوها على الاسم كراهية للجمع بين حرفي تأكيد ، فنقلوها من الاسم وأدخلوها على الخبر.
والذي يدل على أن الأصل فيها أن تكون مقدمة على إنّ أنها لام الابتداء ، ولام الابتداء لها صدر الكلام.
والذي يدل على أن الأصل فيها أن تدخل على الاسم قبل الخبر أنه إذا فصل بين إنّ واسمها بظرف أو حرف جر جاز دخولها عليه ، نحو «إن عندك لزيدا ، وإنّ في الدّار لعمرا» قال الله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) [البقرة : ٢٤٨].
فإذا ثبت أن هذا هو الأصل ، وأنه لا يجوز دخول اللام على اسم «لكنّ» إذا كان خبرها ظرفا أو حرف جر ؛ دل على أنه لا يجوز أن تدخل على خبرها ؛ لأنه لو كان دخول اللام مع لكن كدخولها مع إن لجاز أن تدخل على اسمها إذا كان خبرها ظرفا أو حرف جر ، كما تدخل على خبرها ؛ فلما لم يجز ذلك دل على فساد ما ذهبوا إليه ، والله أعلم.