يؤدي إلى تقديم المضمر على المظهر» قلنا : هذا فاسد ؛ وذلك لأنه وإن كان مقدما في اللفظ إلا أنه مؤخر في التقدير ، وإذا كان مؤخرا في التقدير جاز فيه التقديم ، قال الله تعالى : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) [طه : ٦٧] فالضمير في (نَفْسِهِ) عائد إلى (مُوسى) وإن كان مؤخرا في اللفظ ، إلا أنه لما كان في تقدير التأخير جاز التقديم ، قال زهير :
من يلق يوما على علّاته هرما |
|
يلق السّماحة منه والنّدى خلقا [٣٠] |
فالهاء في «علّاته» تعود إلى «هرم» لأنه في تقدير التقديم ؛ لأن التقدير : من يلق يوما هرما على علاته ، فلما كان «هرما» في تقدير التقديم والضمير في تقدير التأخير وجب أن يكون جائزا ، ومن كلامهم «في أكفانه لفّ الميّت» ومن أمثالهم «في بيته يؤتى الحكم (١)» وتزعم العرب أن أرنبا وجدت تمرة فاختلسها ثعلب منها ، فاختصما إلى ضبّ ، فقالت الأرنب : يا أبا الحسيل ، قال الضب : سميعا دعوتما ، قالت : أتيناك لتحكم بيننا ، قال : عادلا حكّمتما ، قالت : فاخرج إلينا ، قال : في بيته يؤتى الحكم ؛ فالضمير في «في بيته» يعود إلى «الحكم» وقد تقدم عليه.
وهذا كثير في كلامهم ، وقد بيّنا ذلك مستقصى في جواز تقديم خبر المبتدأ عليه بما يغني عن الإعادة هاهنا ، والله أعلم.
__________________
(١) انظر المثل رقم ٢٧٤٢ من مجمع الأمثال للميداني.