إلّا الأواريّ لأيا ما أبيّنها |
|
والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد |
وقال آخر :
[١٦٠] وبلدة ليس بها أنيس |
|
إلّا اليعافير وإلا العيس |
______________________________________________________
يا دار مية بالعلياء فالسند |
|
أقوت وطال عليها سالف الأمد |
والبيتان من شواهد سيبويه (١ / ٣٦٤) وشرح المفصل لابن يعيش (ص ٢٦٥) وانظر ـ مع ذلك ـ خزانة الأدب (٢ / ٧٦) وشرحنا على شرح الأشموني (الشواهد ٢١ و ١٨٠ و ٢٧١ و ٤٦٧) وقوله «أصيلالا» أصله أصيلان ـ بالنون ـ فأبدل النون لاما ، وهو إبدال غير قياسي ، والأصيلان : تصغير أصلان ، الذي هو جمع أصيل ، والأصيل : الوقت قبيل غروب الشمس ، وأعيت : عجزت وضعفت ، والأواري : جمع آرية أو آري ، وهو محبس الخيل ، وقوله «لأيا ما أبينها» يريد ما أعرفها وأتبينها إلا بعد لأي ، أي بطء والنؤي ـ بالضم ـ حفيرة تحفر حول الخيمة لتمنع تسرب المطر إليها ، والمظلومة : أراد بها الفلاة التي حفر فيها الحوض لغير إقامة ، والجلد : الصلبة ، والاستشهاد بالبيتين في قوله «إلا الأواري» فإن هذا من نوع الاستثناء المنقطع لكون المستثنى ليس من جنس المستثنى منه ، وهذا النوع يجوز فيه وجهان : الإبدال من المستثنى منه فيتبعه في إعرابه ، على أن تتوسع في المستثنى منه فتجعله شاملا للمستثنى ، والنصب على الاستثناء قال الأعلم : «الشاهد في قوله إلا الأواري بالنصب على الاستثناء المنقطع ؛ لأنها من غير جنس الأحدين ، والرفع جائز على البدل من الموضع ، والتقدير : وما بالربع أحد إلا الأواري ، على أن تجعل من جنس الأحدين اتساعا ومجازا» اه. وليس عجيبا أن تجعل المستثنى من هذا النوع داخلا في جنس المستثنى منه ؛ فقد جرت عادة العرب في كلامهم أن يجعلوا الشيء من جنس غير جنسه توسعا ، انظر إلى قول أبي ذؤيب الهذلي :
فإن تمس في قبر برهوة ثاويا |
|
أنيسك أصداء القبور تصيح |
فقد جعل أصداء القبور أنيسا وليست في الأصل من جنس الأنيس ، ثم انظر إلى قول ابن الأيهم التغلبي :
ليس بيني وبين قيس عتاب |
|
غير طعن الكلى وضرب الرقاب |
ثم انظر إلى قول عمرو بن معد يكرب :
وخيل قد دلفت لها بخيل |
|
تحية بينهم ضرب وجيع |
فقد جعل الضرب الوجيع تحية ، وهو في الأصل من غير جنسها.
[١٦٠] هذان بيتان من مشطور الرجز ، وهما من كلام جران العود ، واسمه عامر بن الحارث (د ٥٢) والبيتان من شواهد سيبويه (١ / ١٣٣ و ٣٦٥) وابن يعيش (ص ٢٦٥) والأشموني (رقم ٤٤٤) وأوضح المسالك (رقم ١٤٥) وشذور الذهب (رقم ١٢٥) ولميس : اسم امرأة ، واليعافير : جمع يعفور ـ بضم الياء أو فتحها ـ وهو الظبي الذي لونه لون العفر وهو التراب ، والعيس : جمع أعيس أو عيساء ، وأصلها الإبل لكنه أراد بقر الوحش ، والاستشهاد به في قوله «إلا اليعافير وإلا العيس» حيث رفع ما بعد إلا على البدل مما قبلها مع أن اليعافير والعيس ليسا من جنس الأنيس في الأصل ، ولكنه توسع فجعلهما من