يلحق الاسم الأول منهما ؛ لأن الثاني يتنزل منزلة بعض حروفه ، وكذلك عرّفت العرب الاسم المركّب ، قال ابن أحمر :
[١٩٣] تفقّأ فوقه القلع السّواري |
|
وجنّ الخازباز به جنونا |
فقال «الخازباز» فأدخل الألف واللام على الاسم الأول ، ولم يكرّره فيقول «الخازالباز» ولم يحك ذلك عنهم في شعر ولا في كلام ، والخاز باز هاهنا : أراد به صوت الذباب ، ويقال «جنّ الذّباب» إذا طار وهاج ، وقيل : المراد بالخازباز نبت ، كما قال الشاعر :
[١٩٤] رعيتها أكرم عود عودا |
|
الصّلّ والصّفصلّ واليعضيدا |
______________________________________________________
[١٩٣] هذا بيت من الوافر ، وقد أنشده ابن منظور (ف ق أ ـ ق ل ع ـ خ وز) ونسبه لعمرو بن أحمر ، وأنشده موفق الدين بن يعيش في شرح المفصل (ص ٥٧٠) وأنشده رضي الدين في باب المركبات من شرح الكافية ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٣ / ١٠٩) وتقول «تفقأ الدمل والقرح ، وتفقأت السحابة عن مائها» أي تشققت ، أو تبعجت بمائها. و «القلع» بفتح القاف واللام جميعا ، وآخره عين مهملة ـ قطع من السحاب كأنها الجبال ، واحدته قلعة ـ بالتحريك ـ ويقال : القلعة من السحاب التي تأخذ ناحية من السماء ، والسواري : جمع سارية ، وأراد بها ههنا السحابة التي تأتي ليلا ، والخازباز : ضرب من النبات ، وجنونه : طوله وسرعة نباته ، ويقال : الخازباز ههنا : نوع من ذباب العشب يطير في الربيع يدل على خصب السنة ، وجنونه : هزجه وطيرانه ، قال ابن منظور «والخازباز ذباب ، اسمان جعلا واحدا ، وبنيا على الكسر ، لا يتغير في الرفع والنصب والجر ، قال عمرو بن أحمر :
* تفقأ فوقه القلع السواري الخ*
وسمى الذبان به ـ وهما صوتان جعلا واحدا ـ لأن صوته خازباز ، ومن أعربه نزله بمنزلة الكلمة الواحدة فقال خازباز (برفع آخره) وقيل : أراد النبت ، وقيل : أراد ذبان الرياض ، وقيل : الخازباز حكاية لصوت الذباب فسماه به» اه ، والاستشهاد به في قوله «وجن الخازباز» حيث أدخل عليه الألف واللام وتركه على بنائه كما تقول «الخمسة عشر» فتدخل عليه الألف واللام وهو على حاله من البناء.
[١٩٤] هذه أبيات من الرجز المشطور ، وقد رواها كلها ابن منظور على ترتيب ما رواه المؤلف ههنا (خ وز) وموفق الدين بن يعيش في شرح المفصل (ص ٥٦٩) والصل ، والصفصل ، واليعضيد ، والخازباز : كلها أسماء من أسماء النبات ، والسنم ـ بفتح السين وكسر النون ـ العالي المرتفع ، يريد طول النبات الذي أرعاه إبله ، والمجود : اسم مفعول من «جاده الغيث يجوده» إذا أصابه منه الجود ـ بفتح فسكون ـ وهو القوي الشديد من المطر ، وعامر ومسعود : راعيان ، وكنى بقوله «بحيث يدعو عامر مسعودا» عن طول النبات طولا يواري كل راع منهما عن الآخر ، فلا يعرف أحدهما مكان صاحبه حتى يدعوه فيسمع صوته فيعرف مكانه ، والاستشهاد بالأبيات للدلالة على أن «الخازباز» نبت ، وهو ظاهر من قوله إنه أرعاه إبله.