وما سبّح الرّهبان في كل بيعة |
|
أبيل الأبيلين المسيح ابن مريما |
لقد ذاق منّا عامر يوم لعلع |
|
حساما إذا ما هزّ بالكف صمّما |
أراد «وبنسر» بدليل قوله تعالى : (وَيَعُوقَ وَنَسْراً) [نوح : ٢٣] وكما قال الآخر :
[٢٠١] ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا |
|
ولقد نهيتك عن بنات الأوبر |
______________________________________________________
أدخل عليه الشاعر الألف واللام ، ونسر : كان صنما لذي الكلاع بأرض حمير ، ويغوث : كان لمذحج ، ويعوق : لهمدان ، وهي من أصنام قوم نوح عليهالسلام ، والعندم ـ بوزن جعفر ـ هو دم الأخوين ، ويقال : هو دم الغزال بلحاء شجر الأرطى يطبخان جميعا حتى ينعقد فتختضب به الجواري ، وقال الأصمعي : هو صبغ زعم أهل البحرين أن جواريهم يختضبن به ، والبيعة ـ بكسر الباء ـ متعبد النصارى ، ووقع في اللسان «في كل هيكل» والهيكل : هو البيعة ، والأبيل ـ بفتح الهمزة ـ رئيس النصارى ، وقيل : هو الراهب ، وقيل : هو صاحب الناقوس ، ولعلع : اسم موضع فيما حكاه صاحب اللسان ، وقال ياقوت : هو جبل كانت به وقعة لهم ، أو هو ماء بالبادية معروف. والاستشهاد بهذه الأبيات في قوله و «بالنسر» حيث أدخل الألف واللام على العلم الخاص ، للضرورة ، والذي يدل على أن العلم «نسر» بدون الألف واللام قول العباس بن عبد المطلب ، يمدح سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
بل نطفة تركب السفين وقد |
|
ألجم نسرا وأهله الغرق |
قال ابن الأثير «يريد الصنم الذي كان يعبده قوم نوح على نبينا وعليه الصلاة والسّلام» اه.
وقد ورد في الكتاب الكريم اسم أصنام قوم نوح في الآية التي تلونا عليك وفيها «نسر» بدون ألف ولام ، فتكون الألف واللام في هذا الشاهد زائدة.
[٢٠١] أنشد ابن منظور هذا البيت (وب ر) وأسند روايته للأحمر والأصمعي ، وهو من شواهد ابن هشام في مغني اللبيب (رقم ٧٢) وأوضح المسالك (رقم ٦٢) والأشموني (رقم ١٢٧) وابن عقيل (رقم ٣٦) وجنيتك : أي جنيت لك ، وهو نظير قوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ) والأكمؤ : جمع كمء ـ بوزن كلب وأكلب ، وفلس وأفلس ـ وقد يجمع الكمء على كمأة ، فيكون المفرد خاليا من التاء والجمع مقرونا بها ، وهو عكس شجر وشجرة وكلم وكلمة ونظائرهما ، وهما من نوادر اللغة ، والعساقل : جمع عسقل ـ بوزن جعفر ـ وهو ضرب من الكمأة أبيض ، وبنات أوبر : ضرب آخر من الكمأة مزغب على لون التراب ، والاستشهاد بالبيت في قوله «بنات الأوبر» وذلك أن بنات أوبر علم على هذه الكمأة ، وأصله بدون ألف ولام ، وقد زاد الشاعر الألف واللام حين اضطر لإقامة وزن البيت ، وهذا رأي كان الأصمعي يقوله ، ويشبه «بنات الأوبر» بأم العمرو ، في أن كلا منهما علم بدون الألف واللام ، وأن الشاعر زاد الألف واللام اضطرارا ، وثمة رأي آخر كان الأصمعي يجوزه أيضا ، قال : «وقد يجوز أن يكون أوبر نكرة فعرفه باللام ، كما حكى سيبويه أن عرسا من «ابن عرس» قد نكره بعضهم فقال : هذا ابن عرس مقبل» اه.