أراد «بنات أوبر» وكما قال الآخر :
[٢٠٢] وإنّي حبست اليوم والأمس قبله |
|
ببابك حتّى كادت الشّمس تغرب |
أراد «وأمس» ولهذا تركه على جهته الأولى مكسورا ، وكما قال الآخر :
[٢٠٣] * فإنّ الأولاء يعلمونك منهم*
______________________________________________________
[٢٠٢] هذا البيت من كلام نصيب بن رباح ، الأموي بالولاء ، وقد أنشده ابن منظور (أ م س) وعزاه إليه ، واستشهد به ابن هشام في شرح شذور الذهب (رقم ٤٤) والاستشهاد به في قوله «والأمس» حيث أدخل الألف واللام على أمس ، مع أن المراد به اليوم الذي قبل يومك الذي أنت فيه ، وهو في هذه الحالة علم ، والعلم لا تدخله أل ، لكنه لما اضطر أدخل عليه أل ليقيم وزن البيت ، واعلم أن «أمس» إما أن يراد به يوم ما من الأيام السابقة ، وإما أن يراد به خصوص اليوم الذي قبل يومك الذي أنت فيه ، وعلى كل حال إما أن يجمع جمع التكسير أو يصغر أو تدخله الألف واللام وإما ألا يكون شيئا من ذلك ، بل يكون مفردا مكبرا غير مقترن بأل ، فإن أريد به يوم ما من الأيام الماضية أو جمع جمع تكسير أو صغّر أو دخلته أل المعرفة فهو معرب ، وإن أريد به اليوم الذي قبل يومك الحاضر ولم يجمع ولم يصغر ولم تدخل عليه أل المعرفة فللعرب فيه لغتان : الأولى بناؤه على الكسر وهي لغة أهل الحجاز ، والثانية إعرابه إعراب ما لا ينصرف بالضمة من غير تنوين في حالة الرفع ، وبالفتحة من غير تنوين في حالتي الجر والنصب ، وقال الله تعالى : (فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) فالأمس في هذه الآية الكريمة لا يراد به خصوص اليوم السابق على يومك الذي أنت فيه فهو نكرة ، وهو معرب على اللغتين جميعا ، وهو مجرور بالكسرة لاقترانه بأل ، وإذا علمت ذلك فاعلم أن «الأمس» في بيت نصيب يروى بالنصب وبالجر ، أما رواية النصب فلا إشكال فيها ؛ لأنه يكون حينئذ ظرفا معطوفا على «اليوم» والمعطوف على المنصوب منصوب ، وأما رواية الجر فإنها تحتاج إلى نظر ؛ فمن العلماء من قال : هو مبني على الكسر في محل نصب ، واضطر إلى أن يدعي أن أل الداخلة عليه ليست أل المعرفة ، ولكنها زائدة مثل زيادتها في «بنات الأوبر» وفي «أم العمرو» وفي «طبت النفس» وهذا هو الذي يجري عليه كلام المؤلف في هذا الموضع ، وقال قوم : لا ، بل هذه الألف واللام معرفة ، والأمس معطوف على اليوم ، والمعطوف على المنصوب منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة التوهم ، وذلك أن الشاعر بعد أن قال «وقفت اليوم» توهم أنه أدخل على اليوم «في» التي ينتصب الظرف على معناها ، فجاء بالمعطوف مجرورا على هذا التوهم ، وفي لسان العرب (أ م س) بحث لا بأس به في كلمة «أمس» وموضع بنائها ومواضع إعرابها.
[٢٠٣] أنشد ابن منظور هذا الشاهد صدر بيت ولم يذكر تتمته (باب الألف اللينة ٢٠ / ٣٢١) و «الأولاء» ههنا اسم إشارة ، وأصلها «أولاء» فزاد الألف واللام ، ولو لم يزدها لم يتأثر البيت ، فإن الوزن مستقيم بذكرها وبحذفها ، ولكنه مع هذا لا يخلو عن الضرورة ، وذلك لأن أسماء الإشارة معرفة من غير حاجة إلى الألف واللام ، وكأنه قال : فإن هؤلاء يعلمونك