إذا ما أذهبوا ألما بقلبي |
|
وإن قيل الشّقاة هم الأساة |
أراد «كانوا» فحذف الواو اجتزاء بالضمة. وقال الشاعر :
[٢٤٦]إذا ما شاء ضرّوا من أرادوا |
|
ولا يألوهم أحد ضرارا |
______________________________________________________
عليها ، وقد قرىء في قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) بضم الحاء ـ وهي قراءة طلحة بن مصرف ـ فخرجها الزمخشري على أن الأصل «قد أفلحوا المؤمنون» فحذفت الواو لدلالة الضمة عليها ، بدليل أن طلحة نفسه قرأ (قد أفلحوا المؤمنون) بالواو ، وقرىء (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) برفع أحسن ، وخرجها قوم على أن الأصل (على الذي أحسنوا) فحذفت الواو واكتفى بضم النون للدلالة عليها ، وعلى هذه القراءة وهذا التخريج يكون «الذي» مستعملا في الجمع نظير قول الآخر :
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم |
|
هم القوم كل القوم يا أم خالد |
واستبعد ذلك ابن هشام في المغني ، ورجح تخريج الجمهور ، وحاصله أن «أحسن» أفعل تفضيل وليس فعلا ماضيا ، وهو خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : تماما على الذي هو أحسن ، وقرىء (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) برفع «يتم» وخرجها قوم على أن الأصل «يتموا الرضاعة» فحذفت الواو اجتزاء بالضمة عنها ، وخرجها قوم على أن «أن» المصدرية في «أن يتم» مهملة غير عاملة النصب حملا على «ما» المصدرية أختها نظير قول الشاعر :
أن تقرآن على أسماء ويحكما |
|
مني السّلام ، وألا تشعرا أحدا |
وقد اختلفت عبارة القوم في حذف حرف المد والاجتزاء بالحركة عنه للدلالة عليه : أهو ضرورة من ضرورات الشعر أم هو لغة لبعض العرب؟ فظاهر كلام سيبويه أن ذلك ضرورة ؛ فإنه ذكر ذلك واستشهد له في «باب ما يحتمل الشعر» وصدر هذا الباب بقوله (١ / ٨) «اعلم أنه يجوز في الشعر ما لا يجوز في الكلام : من صرف ما لا ينصرف يشبهونه بما ينصرف من الأسماء لأنها أسماء كما أنها أسماء ، ومن حذف ما لا يحذف يشبهونه بما قد حذف واستعمل محذوفا» اه. وظاهر كلام الفراء أن ذلك لغة لبعض العرب ، قال «وقد تسقط العرب الواو وهي واو جمع اكتفاء بالضمة قبلها ، فقالوا في ضربوا : قد ضرب ، وفي قالوا : قد قال ، وهي في هوازن وعليا قيس» اه ، وانظر ما أشرنا إليه بعد شرح الشاهد ١٧ في المسألة الثانية.
[٢٤٦] هذا البيت مما استشهد به الفراء في تفسيره ، وتقول : ألا فلان يألو ـ بوزن سما يسمو ـ ألوا بوزن ضرب وألوا بوزن سمو ؛ إذا قصر وأبطأ فيما يريد ، يعني أن هؤلاء الناس يضرون من أرادوا ضرّه متى شاءوا ، والناس لا يقصرون ولا يتمهلون عن إيصال الضر إليهم ، ومحل الاستشهاد قوله «إذا ما شاء» فإن أصل هذه العبارة «إذا ما شاءوا» فحذف الواو ، واكتفي بضم الهمزة التي قبلها للدلالة عليها ، وحكى اللحياني عن الكسائي أن العرب تقول : أقبل يضربه لا يأل ـ بضم اللام ـ يريدون لا يألو ، فاكتفوا بالضمة عن الواو ، وحكى سيبويه أنهم يقولون : لا أدر ـ بكسر الراء ـ يريدون لا أدري ، فاكتفوا بالكسرة عن الياء.