أراد «شاءوا» ، وقال الآخر :
[٢٤٧] وأخو الغوان متى يشأ يصرمنه |
|
ويكنّ أعداء بعيد وداد |
أراد «الغواني» ، وقال الآخر :
[٢٤٨] كفّاك كفّ لا تليق درهما |
|
جودا ، وأخرى تعط بالسّيف الدّما |
أراد «تعطي» ، وقال الآخر :
[٢٤٩]ليس تخفى يسارتي قدر يوم |
|
ولقد يخف شيمتي إعساري |
______________________________________________________
[٢٤٧] هذا البيت من كلام الأعشى ميمون ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ١٠) والغواني : جمع غانية ، وهي المرأة التي استغنت بجمالها عن الزينة ، أو هي التي استغنت بزوجها عفة وتصونا وحصانة ، أو هي التي غنيت بمكانها : أي أقامت فيه ولم تفارقه ، وقوله «متى يشأ» قد حذف منه المفعول ، وأصل الكلام : متى يشأ صرمهن ، ويصرمنه يبتتن حبال مودته ويقطعنها. يصف النساء بالغدر وقلة الوفاء والصبر ، يقول : من كان مشغوفا بهن مواصلا لهن إذا تعرض لصرمهن سارعن إلى ذلك لتغير أخلاقهن وقلة وفائهن ، ومحل الاستشهاد بهذا البيت قوله «الغوان» فقد أراد أن يقول «الغواني» فحذف الياء ضرورة ، واكتفى بالكسرة دليلا عليها.
ومثل هذا البيت قول خفاف بن ندبة السلمي ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٩) :
كنواح ريش حمامة نجدية |
|
ومسحت باللثتين عصف الإثمد |
فإنه أراد «كنواحي ريش حمامة» فحذف الياء اجتزاء بالكسرة التي قبلها ؛ لأنها تدل عليها ، ومثله قول الآخر ، وهو أيضا من شواهد سيبويه (١ / ٩) :
فطرت بمنصلي في يعملات |
|
دوامي الأيد يخبطن السريحا |
فقد أراد أن يقول «دوامي الأيدي» فحذف الياء مجتزئا بالكسرة التي قبلها للدلالة عليها.
[٢٤٨] أنشد ابن منظور هذا البيت (ل ي ق) ولم يعزه ، وتقول : فلان ما يليق بكفه درهم ـ من مثال باع يبيع ـ أي ما يحتبس وما يبقى في كفه ، وتقول فلان ما يليق درهما ـ من مثال أنال ينيل ـ أي ما يحبس وما يبقي درهما أيضا ، وقال الشاعر :
تقول ـ إذا استهلكت مالا للذة |
|
فكيهة : هل شيء بكفيك لائق؟ |
يصف صاحب الشاهد رجلا بأنه جواد كريم وأنه شجاع فاتك ، ونظيره قول الآخر :
يداك يد خيرها يرتجى |
|
وأخرى لأعدائها غائظه |
ومحل الاستشهاد في البيت قوله «تعط» فإنه أراد تعطي ؛ لأن الفعل مرفوع لا مجزوم ، فحذف الياء مجتزئا بالكسرة التي قبلها دالة عليها.
[٢٤٩] أنشد ابن منظور هذا البيت (ي س ر) ولم يعزه ، واليسارة ـ ومثله اليسار ـ الغنى ، وقد أيسر الرجل يوسر : أي استغنى ، وقد صارت الياء في المضارع واوا لسكونها وانضمام ما قبلها ، ومحل الاستشهاد بالبيت قوله «يخف» فإنه أراد أن يقول يخفي ؛ لأن الفعل مرفوع لا مجزوم ، فحذف الياء مجتزئا بالكسرة قبلها للدلالة عليها.