أراد «يخفي» ، وقال الآخر :
[٢٥٠] لا صلح بيني ـ فاعلموه ـ ولا |
|
بينكم ، ما حملت عاتقي |
سيفي ، وما كنّا بنجد ، وما |
|
قرقر قمر الواد بالشّاهق |
أراد «الوادي» ، وقال الآخر وهو كعب بن مالك الأنصاري :
[٢٥١] ما بال همّ عميد بات يطرقني |
|
بالواد من هند إذ نعدو عواديها؟ |
______________________________________________________
[٢٥٠] أنشد الجوهري ـ وتبعه ابن منظور ـ هذين البيتين (ق م ر) ثاني وثالث ثلاثة أبيات ، ونسبها لأبي عامر ، جد العباس بن مرداس السلمي ، والبيت الأول قوله :
لا نسب اليوم ولا خلة |
|
اتسع الخرق على الراتق |
وأنشدهما ابن منظور (ودي) عن ابن سيده ، ونسبهما لأبي الربيس التغلبي ، وأنشد ابن جني ثانيهما في الخصائص (٢ / ٢٩٢) من غير عزو ، قال ابن بري : سبب هذا الشعر أن الملك النعمان بن المنذر بعث جيشا إلى بني سليم لشيء كان وجد عليهم من أجله ، وكان مقدم الجيش عمرو بن فرتنا ، فمر الجيش على غطفان ، فاستجاشوهم على بني سليم ، فهزمت بنو سليم جيش النعمان وأسروا عمرو بن فرتنا ، فأرسلت غطفان إلى بني سليم وقالوا :ننشدكم بالرحم التي بيننا إلا ما أطلقتم عمرو بن فرتنا ، فقال أبو عامر هذه الأبيات ، يقول : لا نسب بيننا وبينكم ، ولا خلة ـ أي ولا صداقة ـ بعد ما أعنتم جيش النعمان ولم تراعوا حرمة النسب الذي بيننا وبينكم ، وقد تفاقم الأمر بيننا فلا يرجى صلاحه فهو كالفتق الواسع في الثوب يتعب من يروم رتقه ، والقمر ـ بضم القاف وسكون الميم ـ جمع قمرية ، ومثاله روم ورومي وزنج وزنجي ، والقمر : ضرب من الحمام ، وقرقر : صوت ، والشاهق : أراد الجبل العالي ، ومحل الاستشهاد بالبيتين ههنا قوله «قمر الواد» فإنه أراد الوادي فحذف الياء اجتزاء بالكسرة التي قبلها للدلالة عليها. وفي قوله «اتسع الخرق على الراتق» شاهد آخر للنحاة ، حيث قطع همزة الوصل في قوله «اتسع» ضرورة ، وحسن ذلك كون هذه الكلمة في أول النصف الثاني من البيت ؛ لأنه بمنزلة ما يبتدأ به ، قال ابن سيده في التعليل لحذف الياء من «الواد» ما نصه : «حذف لأن الحرف لما ضعف عن تحمل الحركة الزائدة عليه ولم يقدر أن يتحامل بنفسه دعا إلى اخترامه وحذفه» اه. وهذا كلام ابن جني في الخصائص (٢ / ٢٩٢) وبل كلام ابن جني أصرح وأنصع. وذلك قوله «وإذا كان الحرف لا يتحامل بنفسه حتى يدعو إلى اخترامه وحذفه كان بأن يضعف عن تحمل الحركة الزائدة عليه فيه أحرى وأحجى ، وذلك نحو قول الله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) وقوله (ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) وقوله (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) وقوله :
* وما قرقر قمر الواد بالشاهق*» اه.
[٢٥١] ما بال هم : أي ما شأنه وما حاله ، وعميد : فادح موجع ، وأصله قولهم «عمده المرض يعمده» من مثال ضربه يضربه ـ إذا فدحه ، ودخل أعرابي على بعض العرب وهو مريض فقال له : كيف تجدك؟ فقال : أما الذي يعمدني فحصر وأسر ، يريد أما الذي يفدحني ويشتد عليّ ويضنيني ، ويطرقني : أي ينزل بي ليلا ، ومحل الاستشهاد بهذا البيت قوله