أراد «بالوادي» ، وقال أيضا :
[٢٥٢] ولكن ببدر سائلوا عن بلائنا |
|
على النّاد ، والأنباء بالغيب تبلغ |
أراد «على النادي» ، وقال الآخر :
[٢٥٣] ولا أدر من ألقى عليه رداءه |
|
على أنّه قد سلّ عن ماجد محض |
أراد «أدري» ، وقال الآخر :
[٢٥٤] فلست بمدرك ما فات منّي |
|
بلهف ، ولا بليت ، ولا لوانّي |
______________________________________________________
«بالواد» فإنه يريد بالوادي ، فحذف الياء مجتزئا بالكسرة قبلها ، على نحو ما ذكرناه في البيت قبله.
[٢٥٢] بدر : أراد الموضع الذي كانت فيه الغزوة المشهورة التي نصر الله فيها رسوله وأخزى الشرك وأهله ، والبلاء ـ بفتح الباء ـ الجهد والصلابة ، وأصله الاختيار والتجربة والامتحان ، تقول : بلاه يبلوه ، إذا جربه واختبره ليعرف مقدار ما عنده ، والناد ، هنا : القوم ، وأصله المكان الذي يجتمعون فيه ، والأنباء : الأخبار ، واحدها نبأ ـ بفتح النون والباء جميعا ـ ومحل الاستشهاد بهذا البيت قوله «على الناد» فإنه يريد على النادي ، فحذف الياء مجتزئا بالكسرة قبلها ، على نحو ما ذكرناه من قبل.
[٢٥٣] هذا البيت من كلام أبي خراش الهذلي ، يقوله في أخيه عروة ، من أبيات رواها أبو تمام في الحماسة (انظر شرح المرزوقي ٧٨٢) وياقوت في معجم البلدان (قوسي) وقوله «ألقى عليه رداءه» كان من عادة العرب أن الرجل يمر بالقتيل فيلقي عليه ثوبه يستره به ، وفي مثل ذلك يقول متمم بن نويرة يرثي أخاه مالكا :
لقد كفن المنهال تحت ردائه |
|
فتى غير مبطان العشية أروعا |
وقد حكي أن مجتازا اجتاز بعروة فرآه بادي العورة مصروعا ، فألقى رداءه عليه ، ويحكى أن خراشا ابن الشاعر الذي يكنى به وقع أسيرا ، وأنه نزل بآسره ضيف ، فنظر ذلك الضيف إلى خراش ـ وكان ملقى وراء البيت ـ فسأله عن حاله ونسبه ، فشرح قصته وانتسب ، فقطع إساره وخلاه ، فلما رجع رب البيت قال : أسيري أسيري ، وأراد السعي في أثره ، فوتر الضيف قوسه وحلف أنه إن تبعه رماه ، ومحل الاستشهاد بهذا البيت قوله «ولا أدر» فإنه يريد ولا أدري ؛ لأن الفعل غير مجزوم ، فحذف الياء مجتزئا بالكسرة التي قبلها لأنها ترشد إليها وتدل عليها ، وقد روي البيت في الحماسة ومعجم البلدان وخصائص ابن جني (١ / ٧١) «ولم أدر» وعلى هذه الرواية يكون الفعل مجزوما بحذف الياء ، ولا شاهد فيه لما أراده المؤلف.
[٢٥٤] هذا البيت قد أنشده ابن منظور (ل ه ف) ولم يعزه ، وأنشده البغدادي أثناء شرح الشاهد الثالث عشر (١ / ٦٣) وهو من شواهد الأشموني (رقم ٦٧٦) وابن هشام في أوضح المسالك (رقم ٤٤١) وقوله «بلهف» أي بقولي : يا لهفا ، وقوله «بليت» أي بقولي : يا ليتني ، وقوله «ولا لواني» أي بقولي : لو أني فعلت كذا لكان كذا ، ومحل الاستشهاد ههنا