وقال أبو زبيد الطّائي :
[٦٢] طلبوا صلحنا ولا تأوان |
|
فأجبنا أن ليس حين بقاء |
______________________________________________________
والآن ، قال أبو زيد «سمعت من يقول : حسبك تلان ، يريد الآن ، فزاد التاء» اه. والرأي الثاني : أن هذه التاء زائدة في قوله «العاطفون» وأصلها هاء الوقف ، ثم أجرى الكلمة في حال الوصل مجراها في حال الوقف ، ثم قلب الهاء تاء مبسوطة ، وعلى ذلك ينبغي أن تكتب «العاطفونت حين ـ الخ» وقد ذكر هذا الرأي ابن سيده بعد أن ذكر الرأي الأول عن أبي زيد ، قال : «وقيل : أراد العاطفونه ، فأجراه في الوصل على حد ما يكون عليه في الوقف ، وذلك أنه يقال في الوقف : هؤلاء مسلمونه ، وضاربونه ، فتلحق الهاء لبيان حركة النون كما أنشدوا :
أهكذا يا طيب تفعلونه |
|
أعللا ونحن منهلونه |
فصار التقدير : العاطفونه ، ثم إنه شبه هاء الوقف بهاء التأنيث ، فلما احتاج لإقامة الوزن إلى حركة الهاء قلبها تاء ، كما تقول : هذا طلحة ، فإذا وصلت صارت الهاء تاء فقلت : هذا طلحتنا ، فعلى هذا قال : العاطفونة ، وفتحت التاء كما فتحت في آخر ربت وثمت وذيت وكيت» اه. وقال ابن بري في بيت أبي وجزة : «هذه الهاء هي هاء السكت اضطر إلى تحركها ، قال : ومثله :
هم القائلون الخير والآمرونه |
|
إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما» اه |
ونريد أن نبين لك أن هذه الهاء في قول أبي وجزة «العاطفونه» وفي تمثيل ابن سيده بقوله «هؤلاء مسلمونه» و «ضاربونه» ليست هاء ضمير الغائب على ما قد يتسرب إلى ذهنك ، وذلك أن هذه الهاءات لو كانت ضمائر لكان الاسم مضافا إليها ، فكان يجب أن تحذف النون التي تلي علامة الإعراب وهي الواو في كل هذه الأمثلة ، لما تعرف من أنه يحذف للإضافة تنوين الاسم المفرد ونون المثنى وجمع المذكر السالم ، فتنبه لهذا ، على أن من هذه الأمثلة ما لا يتعدى بنفسه مثل «الآمرونه» في البيت الذي أنشده ابن بري ، وإنما يتعدى بالباء إلى المأمور به ، فتقول : أمرته بكذا ، ولا تقول : أمرته كذا ، إلا على التوسع كما جاء في قول الشاعر :
أمرتك الخير ، فافعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال وذا نشب |
[٦٢] هذا البيت من قصيدة لأبي زبيد الطائي ، كما قال المؤلف ، وهو من شواهد مغني اللبيب (رقم ٤١٦) وشواهد الأشموني (رقم ٢٢٩) والاستشهاد بهذا البيت في قوله «ولات أوان» وفي هذه التاء رأيان للنحاة ؛ أحدهما : أنها مزيدة على لا النافية ، وأنها نظير التاء في ربت وثمت ، وقد مضى بيان ذلك ، والرأي الثاني : أن هذه التاء مزيدة في أول كلمة «أوان» كما زيدت في أول الآن فقيل : تالآن ، وقيل : تلان ، على ما رواه أبو زيد ، وقد ذكرنا ذلك في شرح الشاهد السابق (رقم ٦١) وهذا هو الوجه الذي روى المؤلف البيت في هذا الموضع لتقريره. ثم إن في جر «أوان» أربعة آراء للعلماء ، الأول : أن «لات» في هذا ونحوه عاملة الجر ، وكلمة «أوان» مجرورة بالكسرة الظاهرة ، وتنوينها تنوين التمكين الذي يلحق الأسماء المعربة ، وهذا رأي الفراء ، ولا يجري إلا على أن التاء متصلة بلا ، والرأي الثاني : أن