والعرب تقول فعلنا الْبَارِحةَ كذا وكذا ، للَّيْلَةِ التي مَضَتْ يقال ذاك بعد زَوَال الشمس. ويقولون قَبْلَ الزَّوال فعلنا الليلةَ كذا وكذا ، وقول ذي الرمة :
تَبَلَّغ بَارِحي كَرَاهُ فيه*
قال بعضهم : أَرَادَ النومَ الذي شق عليه أمرُه لامتناعه منه ويقال أراد نوم الليلة البارِحة. والعربُ تقولُ ما أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بالبارحةِ ، أي ما أَشْبَهَ الليلةَ التي نحن فيها بالليلةِ الأولى التي قد بَرِحت أَوْ زَالت ومضت. ويقال للشَّمْس إذا غَرَبت : دَلَكَت بَرَاحِ يا هذا ، على فَعَالِ ، المعنى أَنَّها زالت وبَرِحَت حين غَرَبَت. وبَرَاحِ بمعنى بَارِحةٍ ، كما قالوا لكلْبِ الصيْدَ كَسَابِ بمعنى كاسِبَةٍ ، وكذلك حَذَامِ بمعنى حَاذِمَةٍ. ومن قال دَلَكَت الشمسُ بِرَاحِ ، فالمعنى أنها كادت تَغْرُب وقد وضع يده على حاجبه ينظر زوالها أَو غروبَها ، ثعلب عن ابن الأعرابي دلَكت بِرَاحِ أي اسْتُريح منها. وأنشد الفراء :
هذا مُقام قَدَمَيْ رَبَاحِ |
ذبَّبَ حتى دَلَكَتْ بِرَاحِ |
يعني الشمسَ. قال شمر قال ابن أبي ظبية العنبري :
بُكْرةً حتى دلكت براح
أي بعشيِّ رائحٍ فأسقط الياء مثل جرف هار وهائِر. وقال المفضّل دلكت بَراحِ وبَراحُ بكسر الحاء وضمها. وقال أبو زيد دلكت براحٍ مجرورٌ منونٌ ودلكت براحُ مضموم غير منون.
حدثنا الكوفي حدثنا الحلواني حدثنا عفانُ عن حمادٍ بن سلمة عن حُمَيْدٍ ، قال : قلنا للحسَن ما قوله ضرباً غير مبرِّح؟ قال : غير مؤثِّر. وهو قولُ الفراء. وقال ابنُ الأعرابيّ : دَلَكَت بَراحِ أي استُريح منها. وروى شمر في حديث عكرمة أَنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن التَّوْلِيهِ والتبْريح ، قال التَّبْرِيحُ قَتْلُ السوءِ ، جاء التفسيرُ مُتَّصِلاً بالحديث. قال شمر ذكر ابن المبارك هذا الحديث مَعَ مَا ذُكِرَ من كراهةِ إلْقاءِ السَّمكة إذا كانت حَيَّة على النارِ. وقال : أما الأكلُ فَتُؤْكلُ ولا يُعْجِبُني قال : وذكر بعضُهم أن إلقاءَ القَمْل في النارِ مثلُه. قلت : ورأيت العربَ يملأون الوِعاء من الجَرادِ وهي تهتمش فيه ، ويحتفرون حفرة في الرَّمل ويوقدون فيها ، ثم يَكُبُّون الجَرادَ من الوعاءِ فيها ويُهيلون عليها الإرَّة حتى تموت ، ثم يستخرجونَها ويشرِّرُونها في الشمس فإذا يبست أكلوها.
ربح : قال الليث رَبِحَ فلانٌ وأَرْبَحْتُهُ ، وهذا بيع مُرْبِحٌ إذا كان يُرْبَحُ فيه والعرب تقول رَبِحَتْ تجارتُه إذا ربح صاحبُها فيها. قال الله : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) [البَقَرَة : ١٦]. ويقال أَعْطَيْتُه المال مُرَابَحَةً على أنَ الربحَ بيني وبينه ، هذا قول الليث. وقال غيرُه : بِعْتُه السلْعَةَ مُرَابَحَةً على كل عشرةِ دارهمَ دِرْهَمٌ ، وكذلك اشتَرَيْتُهُ مُرَابَحةً ، ولا بدّ من تَسْمِيَةِ الربح.
وقال الليْثُ رُبَّاحٌ اسم القِرْد ، قال : وضَرْبٌ من التمر يقال له زُبُ رُبَّاح. وأنشد شمر للبعيث :