حرم : قال شَمِر قال يحيى بنُ ميسرةَ الكلابيُّ : الحُرْمَةُ : المَهَابةُ. قال : وإذا كان للإنسان رَحِمٌ وكنَّ نستحي منه قلنا : له حُرْمَةٌ. قال : وللمسلم على المسلم حُرْمَةٌ ومهابَةٌ. وقال أبو زيد : يقال : هو حُرْمَتُك ، وهما حُرْمَتُك ، وهم حُرْمَتُك ، وهي حُرْمَتُك ، وهُنَ حُرْمَتُك ؛ وهم ذوو رَحِمه وجارُه ومن يَنْصرُه غائباً وشاهداً ومن وَجَبَ عليه حقُّه.
وقال مجاهد في قول الله (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) [الحَجّ : ٣٠] حُرُماتِ الله» فإن الحُرُماتِ مكةُ والحَجُّ والعمرة وما نهَى الله عنه من معاصيه كلِّها.
وقال عطاءٌ : حُرُمَاتُ الله معاصي الله.
وقال الليثُ : الحَرَمُ حَرَمُ مكَّةَ وما أحاط بها إلى قريب من الحرم.
قلت الْحَرَمُ قد ضُرِبَ على حدوده بالمَنَارِ القديمة التي بيَّن خليلُ الله إبراهيمُ عليهالسلام مَشَاعِرَها ، وكانت قريشٌ تعرِفُها في الجاهليةِ والإسلام ؛ لأنهم كانوا سكّانَ الْحَرَم ، ويعلمون أنّ ما دون المنار إلى مكة من الْحَرَم ، وما وراءَها ليس من الحرم. ولمّا بعث الله جل وعز محمداً صلىاللهعليهوسلم نَبِيّاً أقَرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك.
وكتب مع ابن مَرْبَع الأنصاريِّ إلى قَريش أن قرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث إبراهيم ، فما كان دُونَ المنار فهو حَرَم ولا يحِلُّ صيدُه ، ولا يُقْطَع شجرُه ، وما كان وراء المنار فهو من الحلّ ، يحل صيدُه إذا لم يكن صائده مُحْرِماً.
فإن قال قائلٌ من الملحدين في قول الله جلّ وعزّ : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) [العَنكبوت : ٦٧]. كيف يكون حرماً آمناً وقد أُخيفُوا وقُتِلُوا في الْحَرَم؟ فالجواب فيه أنّه جلّ وعزّ جعله حَرَماً آمناً أَمْراً وتعبُّداً لَهُم بذلك لا إجباراً ، فمن آمَنَ بذلك كَفّ عمَّا نُهِيَ عنه اتِّباعاً وانتهاءً إلى ما أُمِر به ، ومن أَلْحَدَ وأنْكر أَمْرَ الحَرَمِ وحرمَتهُ فهو كافر مُبَاح الدَّم ، ومن أَقَرَّ وركِبَ النَّهْي فصَادَ صَيْدَ الْحَرَم وقَتَلَ فيه فهو فاسق وعليه الكفَّارة فيما قَتَل من الصَّيْد ، فإنْ عادَ فإنَّ الله ينتقم منه.
وأمّا المواقيت التي يُهَلُّ مِنْهَا لِلْحجِّ فهي بعيدةٌ من حُدود الْحَرَم ، وهي من الْحِل ومن أَحْرَمَ منها بالحجّ في أشهر الحَجّ فهو مُحْرِمٌ مأمورٌ بالانتهاء ما دام محرماً عن الرفَث وما وراءَه من أمْرِ النساء ، وعن التطيُّبِ بالطيب ، وعن لُبْس الثوب المخِيط ، وعن صيْد الصَّيْدِ.
وقال الليث في قول الأعشى :
بِأجْيَادَ غَرْبِيَّ الصفا والمُحَرَّم
قال : المحرَّم هو الْحَرَمُ ، قال والمنسوب إلى الحرم حِرْمِيٌ.
وأنشد :
لا تأويَنَ لحرميّ مررت به |
يوماً وإن ألقى الحِرْميُ في النار |
وقال الليثُ : إذا نسبوا غَيْرَ الناس قالوا ثوب حَرَميٌ.