قلت : وهو كما قال الليث. وروى شمر حديثاً أن فلاناً كان حِرْمِيَ رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال : والحِرْمِيُ : أَنَّ أشْرافَ العرب الذين كانوا يتحمَّسون في دينِهم إذا حجَّ أحدُهم لم يأكل طعامَ رَجُلٍ من الحَرَم ، ولم يَطُفْ إلّا في ثيابه ، فكان لكل شريفٍ من أشرافِ العرب رجلٌ من قريش ، فكلُّ واحدٍ منْهُمَا حِرْمِيُ صاحبِه ، كما يقال كَرِيّ للمُكري ، المكترِي وخَصْمٌ للمخاصِم والمخاصَم.
وتقول أحْرَمَ الرَّجُلُ فهو مُحْرِمٌ وحَرَامٌ.
والبيتُ الحَرَامُ ، والمَسْجِدُ الحرامُ ، والبلدُ الحرامُ ، وقوم حُرُمٌ ، ومُحْرِمُون ، وشهر حَرَامٌ. والأشْهُرُ الحُرُم ذو القَعْدَةِ وذو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ ورَجَبُ ؛ ثلاثَةٌ سَرْدٌ أي متتابعة وواحد فَرْدٌ.
وقال الليث : والحرام : ما حرَّمه الله ، والحُرْمَةُ ما لا يَحِلُّ لك انتهاكُه. وتقول : فلانٌ له حُرْمَةٌ أي تحرَّم بنا بصحبة أو بِحَقِّ وذمَّةٍ. وحُرَمُ الرجل نساؤُه وما يَحْمِي.
والمحارِمُ ما لا يحِلُّ استحْلالُه. والمَحْرَمُ ذاتُ الرِّحِم في القرابة التي لا يحل تزوُّجُها ، تقول هو ذو رَحِمٍ مَحْرَمٍ وهي ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ. وقال الراجز :
وجارةُ البيت أراها مَحْرَمَا |
كما بَراهَا الله ، إلَّا إنَّمَا |
|
مكارِمُ السَّعْي لمَن تكرَّمَا |
كما بَراها الله كما جعلها الله.
والمُحْرِم الدَّاخِلُ في الشهر الحَرَامِ أبو عبيد عن الأصمعي : أحْرَمَ الرجلُ فهو مُحْرِمٌ إذا كانت له ذمَّة ، وقال الراعي :
قتلوا ابْنَ عفَّانَ الخليفة مُحْرِما |
ودَعَا فلم أَرَ مثلَه مَخْذُولا |
قال : وأحْرَمَ القوم إذا دخلوا في الشهر الحَرَامِ. قال زهير :
جعلن القنانَ عن يمينٍ وحَزْنَه |
وكم بالقنانِ من مُحِلِّ ومُحْرِم |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : المُحْرِمُ المسالم في قول خداش بن زهير.
إذا ما أصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهُم |
من الناس إلا مُحْرِمٌ أو مُكَافِل |
قال وهو من قول الشاعر :
وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها |
لِتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرينا |
أي حرَّمَتْهم على نفسها. قال والمُكَافِلُ المُجَاوِرُ المُحَالِفُ والكفيل من هذا أُخِذَ.
أبو عبيد عن الأصمعي في قوله أَحْرَمَتْ قومها أي حَرَمَتْهُم أن يَنْكِحُوها يقال حَرَمْتُه وأَحْرَمْتُه حِرْمَاناً إذا منعتَه العطيّة.
وروى شَمِر لعمر أنه قال : «الصيام إحْرَامٌ» قال إنما قال الصِّيَامُ إحرامٌ لامتناع الصائم مما يَثْلِمُ صيامَه. قال ويقال للصائم مُحْرِمٌ. قال الراعي.
قتلوا ابن عَفَّان الخليفة مُحْرِماً
قال أبو عمرو الشيبانيُّ : مُحْرِماً أي صائماً.
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال «كل مُسلم عن مسلم مُحْرِمٌ ، أخَوانِ نَصِيران» قال أبو العباس قال ابن الأعرابي : يقال إنَّه لَمُحْرِمٌ عنك يَحْرُم أذاك عليه.