وقال ابن عباس : هما اسمانِ رقيقان أحَدُهما أَرَقُّ من الآخر ، فالرحْمن الرقيق ، والرَّحِيمُ العاطِفُ على خَلْقِه بالرزق ، وقرأ أبو عمرو بنُ العلاء «وأقرب رُحُما» بالتَّثْقيل واحتجّ بقول زُهَيْرٍ يمدح هَرِمَ بن سِنَانٍ :
ومن ضَريبَتهِ التَّقْوَى ويَعْصِمُه |
من سَيِّىءِ العَثرَاتِ الله والرُّحُمُ |
وقال الليث : المرحمة الرَّحْمة ، تقول رَحِمْتُه أرْحَمُه رَحْمَةً ومَرْحَمَةً ، وترحَّمْتُ عليه ، أي قلتُ : رَحمَةُ الله عليه ، وقال الله جلّ وعزّ : (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) [البَلد : ١٧] أي أَوْصى بعضُهم بعضاً برحْمَةِ الضعيف والتَّعَطُّفِ عليه.
والرَّحِمُ بَيْتُ مَنْبِت الوَلَدِ وَوِعاؤُه في البطن ، وجمعه الأَرْحامُ. وأما الرَّحِمُ الذي جاءَ في الحديث «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ ، تقول : اللهُمَّ صِلْ مَنْ وَصَلَني واقْطَعْ مَنْ قَطَعَني» فالرَّحِمُ القَرابَةُ تَجْمَع بَنِي أَبٍ وبينهما رَحِمٌ أي قرابةٌ قَرِيبَةٌ. وناقَةٌ رَحُومٌ أصابَها داءٌ في رَحِمِها فلا تَقْبَلُ اللَّقاح ، تقول : قد رَحُمَتْ. وقال غَيْرُه : الرُّحامُ أن تَلِدَ الشَّاةُ ثم لا تُلْقِي سَلاها. وشَاةٌ راحِمٌ وغَنَمٌ رَواحِمُ إذا وَرِمَ رَحِمُها. وقد رَحِمَت المرأة وَرحُمَتْ إذا اشتكت رَحِمَها.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال الرَّحْمُ خروج الرحم من عِلّةِ ، والرَّحِمُ مؤنَّثَةٌ لا غيرُ وسَمَّى الله الغيثَ رَحْمَةً لأنه بِرَحمَتِه يَنْزِلُ من السماء. وتاءُ قوله (إِنَ رَحْمَتَ اللهِ) [الأعراف : ٥٦] أصلها هاء وَإنْ كُتِبَتْ تاءً.
مرح : قال الليث : المَرَحُ شدَّة الفَرَح حتى يجاوزَ قَدْرَه. وفرس مَرِحٌ مِمْرَاحٌ مَرُوحٌ ، وناقة مِمْرَاحٌ مَرُوحٌ وأنشد :
نطوي الفلا بِمَروحٍ لَحْمُها زِيَمُ
وقال الأعشى يصف ناقة :
مَرِحَتْ حُرَّةٌ كقنْطَرة الرّومي |
تَفْرِي الهَجِيرَ بالإرقَال |
وقال الليث : التَّمْرِيحُ أن تأخذ المَزادَةَ أَوَّلَ ما تخْرَزُ فتَملأها ماء حتى تَنْتَفِخَ خُروزُها. ويقال : قد ذهبَ مَرَحُ المَزادَةِ إذا لم يَسِلْ منها شيءٌ ، وقد مَرِحَتْ مَرَحاناً وأنشد :
كأنّ قذًى في العين قد مَرِحَتْ به |
وما حاجَةُ الأُخْرى إلى المَرَحانِ |
وقال شَمِر : المَرَحُ : خروج الدّمْعِ إذا كثُر ، وقال عديُّ بن زيد :
مَرِحٌ وَبْلُه يَسحُ سُيوبَ ال |
ماء سَحّاً كأَنَّه مَنْحورُ |
ثعلب عن ابن الأعرابي : التّمْريحُ تطييبُ القِرْبِة الجديدةِ بإذْخِرٍ أو شيح فإذا تطيّبَت بِطِين فهو التَّشْرِيبُ. قال : وبعضهم يجعلُ تمريحَ المزادَةِ أن يملأها ماءً حتى تَبْتَلَّ خُروزُها ويكثر سيلانُها قبل انْتِفاخِها ، فذلك مَرَحُها وقد مَرِحَت مَرَحاً. وذهب مَرَحُ المزادَةِ إذا انسدّت عيونُها فلم يَسِلْ منها شيءٌ. وأرض مِمْراحٌ إذا كانت سريعَة النَّباتِ حين يُصِيبُها المطرُ. وعَيْنٌ مِمْراحٌ سريعةُ البُكاءِ. وقال الأصمعيُّ : المِمْراحُ من الأرض التي حالت سنة فهي تَمْرَحُ بِنَباتها.