هو المستعَارُ. وأما الحديث الذي جاء فيه : «كنتُ مَنيحَ أصحابي يوم بَدْرٍ» ، فمعناه أني كنت ممن لا يُضْرَبُ له بسهمٍ من الْفيء لِصِغرى ، فكنت بمنزلة السهم اللَّغْوِ الذي لا فوزَ له ولا خسْرَ عليه ، وقد ذكر ابن مقبل القِدْح المستعار الذي يتيمن بفوزه فقال :
إذا امْتَنَحَتْه من مَعَدِّ عصابة |
غَدَا رَبُّه قَبْلَ المُفيضِينَ يَقْدَح |
يقول إذا استعارُوا هذا القِدْحَ غَدَا صاحِبُه يقدح النارَ لثقته بفوزِه ، فهو المنيحُ المستعارُ. وأمّا قوله :
فمهلاً يا قُضَاعُ فَلا تكوني |
مَنِيحاً في قداح يَدَيْ مُجِيلِ |
فإِنَّه أَرَاد المنِيحَ الذي لا غُنْمَ له ولا غُرْمَ ، ويقال رجل منَّاح فيَّاح إذا كان كثيرَ العطايا. أبو عبيد عن أبي عمرو المَمَانِحُ الناقة التي يبقى لَبَنُها بعد ما تذهب أَلْبَانُ الإبل ، بغير هاء. وقال ذلك الأصمعيُّ وقد ما نَحَتْ مِنَاحاً ومُمَانَحةً ، وكذلك مانَحتِ العينُ إذا سالت دُموعها فلم تنقطع ، وقال المُمَانح من الأمطار المطر الذي لا ينقطع.
حمن : أبو عبيد عن الأصمعي القُراد أوّل ما يكون وهو صغير لا يكاد يرى من صغره. يقال له قُمْقَامة ثم يصير حُمْنَانَة ثم قُراداً ثم حَلَمَةً.
وقال الليث أرض مَحْمَنة كثيرة الْحَمْنَان وهي صغار القِرْدان. قال والْحَمْنَانُ على مثال فَعْلان الواحدة حَمْنَانَةٌ.
شمر عن الأصمعيّ الحوْمانةُ وجمعها حَوَامِينُ أَماكنُ غِلاظٌ منقادَةٌ وقال أبو خَيْرة الحوْمانُ واحدتها حَوْمَانَةٌ وجمعها حوامينُ وهي شقائق بين الجِبَال وهي أطيب الحُزُونة ، جَلَد ليس فيها إكام ولا أبارق. وقال أبو عمرو الحَوْمَانُ ما كان فوق الرَّمل ودونه حين تصعَدُه أو تهبِطُه. وقال زهير :
بحومانة الدَّرَّاج فالمُتَثَلَّم
قلت : حوْمان فَوْعال من حمن.
محن : قال أبو العبَّاس أخبرني سلمةُ عن الفراء أنه قال يقال محنته : ومخَنْتُه بالحاء والخاء ومحجْتُه ونقَحْتُه وجَلَهْتُه وجحشته ومَشَنْتُه وعَرَمْتُه وحَسَفْتُه وخبلته وخَسَلْتُه ولَتَحْتُه كله بمعنى قشرته.
وقال الليث المحنة معنى الكلام الذي يُمْتَحَنُ به ليُعرف بكلامه ضميرُ قلبه ، تقول : امتحنْتُه وامتحَنْتُ الكلمةَ إذا نظرتَ إلى ما يصير إلَيْهِ صَيُّورُها. وقال غيره محنته وامتحنْتُه بمنزلةِ خَبَرْتُه واختبرتُه وبلوته وابتلَيْتُه وأصل المَحْن الضربُ بالسوْطِ.
روى أبو عبيد عن الأمَوِيّ مَحَنْتُه عشرين سوطاً مَحْناً إذا ضربتَه وقال المفضَّل فيما رَوَى عنه ابن الأعرابي مَحنت الثوب مَحْناً إذا لبِسته حتى تُخلقه وقال أبو سعيد : محنت الأديم مَحْناً إذا مددته حتى توسِّعَه قال ومعنى قول الله جلّ وعزّ : (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) [الحجرات : ٣] شرح الله قلوبهم كأنّ معناه وسّع الله على قلوبهم للتقوى.