تراهُ قد جَاءَ بالتَّاءِ فَجَعَلها اسمهُ ، قال مُعَقِّرُ بن حِمَار البَارقيُّ :
وذُبْيَانيَّةٍ وَصَّتْ بَنيها |
بأَنْ كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوف |
قال أبو عبيد : ولم أَسْمَع في هذا حَرْفاً مَنْصوباً إلَّا في شيءٍ كان أبو عبيدة يَحْكِيه عن أَعرابي نظر إلى ناقةٍ نِضْوٍ لرجلٍ فقال : كَذَب عليك البَزْرَ والنَّوى.
وقال ابن السكيتِ : تقول للرَّجلِ إذا أمرتَهُ بالشَّيءْ وأَغْرَيته : كَذَبَ عليكَ كَذَا وكذا أي عليكَ به ، وهي كَلمةٌ نادِرَةٌ.
قال : وأَنشدني ابن الأعرابيّ لخداشِ بن زُهَيرٍ :
كَذَبْتُ عليكُم أَوْعِدوني وعَلّلُوا |
بيَ الأرْضَ والأقْوَامَ قِردانَ مَوْظبَا |
أي عليكم بي وبِهِجَائي إذا كُنْتم في سَفَرٍ واقطعوا بذكرِى الأرض وأنْشِدوا القَوْم هِجَائي يا قِردان موظَبَ.
وقال الفرّاء : كَذَبَ عليك الحَجُّ أي وَجَبَ ، وهو الكذْبُ في الأصل إنما هو أنْ قيل : لا حَجَّ فهو كَذِبٌ. وقال عَنْترة :
كَذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ |
إن كُنتِ سائلتي غَبُوقاً فاذْهَبي |
وقال أبو سعيد الضَّرِيرُ : معنى قوله : كَذَبَ عليكَ الحجُّ أنّه حضٌّ على الحجّ.
وقال : إن الحجَّ ظَنَّ بكْم حِرصاً عليه ورغْبةً فيه فَكَذَب ظَنُّه لقلَّة رغبَتكم فيه.
قال وقولُه : كَذَبْتُ عليْكَ لا تزَالُ تَقُوفُني أي ظننْتُ أنَّكَ لا تنام عن وِتْري فكَذَبْتُ عليكَ فأَذَلَّه بهذا الشِّعرِ وأَخْمَل ذِكْرَه ، وقال في قوله : بِأنْ كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوفُ قال : القَراطف : أكْسَيةٌ حُمرٌ ، وهذه امرأةٌ كان لها بَنُونَ يركبون في شارةٍ حَسَنةٍ وهم فقراء لا يملكونَ وراءَ ذلك شيئاً فَسَاءَ ذلك أُمَّهم لأنْ رأَتهم فُقَراءَ ، فقالت : كَذَب القرَاطِفُ أي زِينتهم هذه كاذبةٌ ليس وراءَهَا عندهمْ شيءٌ.
(ثعلب عن ابن الأعرابي) : تقول العَرَب لِلْكَذَّاب فُلان لا يُؤَالَفُ خَيْلَاهُ ، وَلَا تُسَايَرُ خَيْلاه كَذِباً.
قال اللحيانيُّ : يقالُ للكذَّابِ إنه لَكَيْذُبَانٌ ، وكُذُبْذُبٌ وكُذُّبْذُبٌ وأنشد :
وإذا سَمِعتَ بأنَّني قد بِعْتكم |
بوصالِ غانيةٍ فقُلْ كذُّبْذُبُ |
ويقال لِلكَذِبِ : كِذَّابٌ ، قال الله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥)) [النبأ : ٣٥] أي كَذِباً ، وأنشد أحمد بن يحيى قول أبي دُوادٍ الإِياديِّ :
قُلتُ لمَّا نَصَلَا منْ قُنَّةٍ |
كَذَبَ العَيْرُ وإن كان برحْ |
قال معناه : كَذَبَ العَيْرُ أن ينجوَ منِّي أيَّ طريقٍ أَخذ سَانحاً أوْ بَارِحاً.