«يحسن ويسيء ابناك هما» (وقد بغى واعتديا عبداكا) (١) فـ «عبداكا» تنازع فيه بغى واعتدى ، فأعمل فيه الأوّل وأضمر في الثّاني (٢) ولا محذور (٣) لرجوع الضّمير إلى متقدّم في الرّتبة ، فأن اعملت الأوّل واحتاج الثاني إلى منصوب وجب أيضا إضماره (٤) [في الثاني] نحو «ضربني وضربته زيد». وندر (٥) قوله :
بعكاظ يغشي النّاظرين |
|
إذا هم لمحوا شعاعه |
ولا تجىء مع أوّل قد أهملا |
|
بمضمر لغير رفع أوهلا |
بل حذفه الزم إن يكن غير خبر |
|
وأخّرنه إن يكن هو الخبر |
(ولا تجيء مع أوّل (٦) قد أهملا) من العمل (بمضمر لغير رفع أوهلا بل حذفه) أي مضمر غير الرّفع (الزم إن يكن) فضلة بأن لم يوقع (٧) حذفه في لبس وكان (غير خبر) (٨) وغير مفعول أوّل لـ «ظنّ» نحو «ضربت وضربني زيد» وندر المجيء
__________________
(١) بإعمال الأول وإهمال الثاني عكس الأول.
(٢) أي : أضمر عبدا كافي العامل الثاني وهو اعتديا.
(٣) أي : لا مانع من عود الضمير في اعتديا إلى المتأخر وهو عبداكا لأنه وإن كان متأخرا لفظا إلّا أنه متقدم رتبة لكونه فاعلا.
(٤) وهنا وإن كان مرجع الضمير متأخرا لفظا ورتبة ظاهرا إلا إنك بعد التأمل تعلم أنه متقدم رتبة لما قلنا فى تعليقتنا على قوله رأيت وأكرمتهما أبويك من تقدم رتبته وإن كان مفعولا وذلك لتقدم عامله.
(٥) إعمال الأول وخلو الثاني من الضمير فأن شعاعه متنازع فيه بين يغشي ولمحوا والعمل ليغشي لرفع شعاع فاعلا له والعامل المهمل وهو لمحوا خال من الضمير وكان من حقه أن يتحمل ضمير شعاعه.
(٦) يعني إذا أهمل الأول وأعمل الثاني وطلب الأول ضميرا منصوبا لكونه فعلا وفاعلا كما مر في مثال رأيت وأكرمت أبويك فلا تأت بذلك الضمير المنصوب فأنه يلزم عود الضمير إلى المتأخر لفظا ورتبة.
(٧) بيان للمراد من الفضلة وأن المراد منها هنا ما أوجب حذفه خللا في الكلام فيشمل ما كان ركنا وما أوجب حذفه لبسا واشتباها للسامع.
(٨) للمبتدا في الأصل كخبر كان او غيره من النواسخ.