وذُهب بحقّه ، فضرب الجور سرادقه على البرّ والفاجر ، والمقيم والظاعن ، فلا معروف يُستراح إليه ، ولا منكر يُتناهى عنه» (٥).
قال ابن أبي الحديد في شرحه (٦) (٤ / ٥٨) : هذا الفصل يشكل عليّ تأويله ؛ لأنّ أهل مصر هم الذين قتلوا عثمان ، وإذا شهد أمير المؤمنين عليهالسلام أنّهم غضبوا لله حين عُصي في الأرض ، فهذه شهادة قاطعة على عثمان بالعصيان وإتيان المنكر. ثمّ تأوّله بما رآه تعسّفاً ، والتعسّف لا يغني عن الحقّ شيئاً ولا تتمّ به الحجّة.
هَب ابن أبي الحديد تعسّف هاهنا وتأوّل ، فما يصنع ببقيّة كلمات مولانا أمير المؤمنين وكلمات سائر الصحابة لدة هذه الكلمة وهي تربو على مئات؟ فهل يسعنا أن نكون متعسّفين في كلّ ذلك؟ سل عنه خبيراً.
١٤ ـ من كلام لأمير المؤمنين قاله لعثمان لمّا اجتمع الناس إليه وشكوا إليه ما نقموه على عثمان فدخل عليهالسلام عليه فقال :
«إنّ الناس ورائي وقد استفسروني بينك وبينهم ، وو الله ما أدري ما أقول لك ، ما أعرف شيئاً تجهله ، ولا أدلّك على أمر لا تعرفه ، إنّك لتعلم ما نعلم ، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ، ولا خلونا بشيء فنبلّغكه وقد رأيت كما رأينا ، وسمعت كما سمعنا وصحبت رسول الله كما صحبنا ، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطّاب بأولى بعمل الحقّ منك ، وأنت أقرب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشيجة رحم منهما ، وقد نلت من صهره ما لم ينالا ، فالله الله في نفسك ، فإنّك والله ما تُبصّر من عمى ، ولا تُعلّم من جهل ، وإنّ الطرق لواضحة ، وإنّ أعلام الدين لقائمة ، فاعلم أنّ أفضل عباد الله عند الله إمام عادل ، هُدي وهدى ، فأقام سنّةً معلومةً ، وأمات بدعة مجهولة ، وإنّ السنن لنيّرة لها
__________________
(٥) تاريخ الطبري : ٦ / ٥٥ [٥ / ٩٦ حوادث سنة ٣٨ ه] ، نهج البلاغة : ٢ / ٦٣ [ص ٤١٠ خطبة ٣٨] ، شرح ابن أبي الحديد : ٢ / ٢٩ [٦ / ٧٧ خطبة ٣٨]. (المؤلف)
(٦) شرح نهج البلاغة : ١٦ / ١٥٦ كتاب ٣٨.