ولكن لله عليّ أن لا أُكلّمه أبداً ، ثمّ مات عبد الرحمن وهو مهاجر لعثمان ، حتى قيل : إنّ عثمان دخل عليه في مرضه يعوده فتحوّل إلى الحائط لا يكلّمه ، والله أعلم والحكم لله يفعل ما يشاء.
وقال ابن قتيبة في المعارف (١) (ص ٢٣٩) : كان عثمان بن عفّان مهاجراً لعبد الرحمن بن عوف حتى ماتا.
قال الأميني : لا بدّ أن يُساءل هؤلاء عن أشياء ، فيقال لهم : إنّ سيرة الشيخين التي بويع عثمان عليها هل كانت تطابق سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو تخالفها؟ وعلى الأوّل فشرطها مستدرك ، ولا شرط للخلافة إلاّ مطابقة كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا نقمة على تاركها إلاّ بترك السنّة لا السيرة ، فذكرها إلى جانب السنّة الشريفة كضمّ اللاّحجّة إلى الحجّة ، أو كوضع الحجر إلى جنب الإنسان ، وعلى الثاني فإنّ من الواجب على كلّ مسلم مخالفتها بعد فرض إيمانه بالله وبكتابه ورسوله واليوم الآخر ، فكان من حقّ المقام أن ينكروا على عثمان مخالفة السنّة فحسب. ولهذا لم يقبل مولانا أمير المؤمنين لمّا ألقى إليه عبد الرحمن أمر البيعة على الشرط المذكور إلاّ مطابقة أمره للسنّة والاجتهاد فيها (٢).
وليت شعري إنّه لمّا شرط ابن عوف على عثمان ذلك هل كان يعلم بما قلناه من الموافقة أو المخالفة أو لا؟ وعلى فرض علمه يتوجّه عليه ما سطرناه على كلّ من الفرضين ، وعلى تقدير عدم علمه وهو أبعد شيء يفرض فكيف شرط عليه ما لا يعلم حقيقته ، وكيف يناط أمر الدين وزعامته الكبرى بحقيقة مجهولة؟ وما الفائدة في اشتراطه؟
__________________
(١) المعارف : ص ٥٥٠.
(٢) مسند أحمد : ١ / ٧٥ [١ / ١٢٠ ح ٥٥٨] ، تاريخ الطبري : ٥ / ٤٠ [٤ / ٢٣٨ حوادث سنة ٢٣] ، تمهيد الباقلاني : ص ٢٠٩ ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ١٤٦ [٧ / ١٦٥ حوادث سنة ٢٤] (المؤلف)