فأخذها فقسّمها عبد الرحمن في الناس وعثمان في الدار ، ولهذه كلّها كان يراه عثمان منافقاً ويقذفه بالنفاق كما ذكره ابن حجر في الصواعق (١) (ص ٦٨) وأجاب عنه متسالماً عليه بأنّه كان متوحّشاً منه لأنّه كان يجيئه كثيراً. إقرأ واضحك. وذكره الحلبي في السيرة (٢) (٢ / ٨٧) فقال : أجاب عنه ابن حجر. ولم يذكر الجواب لعلمه بأنّه أُضحوكة.
ونسائل القوم بصورة أخرى مع قطع النظر عن جميع ما قلناه : إنّ ما اشتُرط على عثمان وعقد عليه أمره هل كان واجب الوفاء؟ أو كان لعثمان منتدح عنه بتركه؟ وعلى الأوّل فما وجه مخالفة الخليفة له؟ ولما ذا لم يقبله مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وهو عيبة علم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والعارف بأحكامه وسننه وبصلاح الأُمّة منذ بدء أمرها إلى منصرمه ، وهل يخلع الخليفة في صورة المخالفة؟ فلما ذا كان عثمان لا يروقه التنازل عن أمره لمّا أرادت الصحابة خلعه للمخالفة؟ أو أنّه لا يُخلع؟ فلما ذا تجمهروا عليه فخلعوه وقتلوه؟ وهم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم العدول كلّهم في نظر القوم ، وإن كان لا يجب الوفاء به فلما ذا لم يبايعوا مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام لمّا جابههم بعدم الالتزام بما لا يجب الوفاء به؟ وما معنى اعتذار عبد الرحمن بن عوف في تقديمه عثمان على أمير المؤمنين عليهالسلام بأنّه قبل متابعة سيرة الشيخين ولم يقبلها عليّ عليهالسلام؟ ولما ذا ألزموا عثمان به؟ ولما ذا التزم به عثمان؟ ولما ذا تمّت البيعة عليه؟ ولما ذا تجمهروا عليه لمّا شاهدوا منه المخالفة؟
(وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) (٣)
(فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٤)
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ص ١١٤.
(٢) السيرة الحلبية : ٢ / ٧٨.
(٣) العنكبوت : ١٣.
(٤) الروم : ٥٧.