وذكر أبو عمر الكندي في أُمراء مصر : أنّ عبد الله بن سعد أمير مصر كان توجّه إلى عثمان لمّا قام الناس عليه ، فطلب أمراء الأمصار فتوجّه إليه في رجب سنة (٣٥) واستناب عقبة بن عامر ، فوثب محمد بن أبي حذيفة على عقبة ـ وكان يوم ذاك بمصر ـ فأخرجه من مصر وغلب عليها ، وذلك في شوّال منها ، ودعا إلى خلع عثمان ، وأسعر البلاد ، وحرّض على عثمان (١).
وأخرج من طريق الليث عن عبد الكريم الحضرمي كما في الإصابة (٣ / ٣٧٣) : أنّ ابن أبي حذيفة كان يكتب الكتب على [ألسنة] (٢) أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الطعن على عثمان ، كان يأخذ الرواحل فيحصرها ثمّ يأخذ الرجال الذين يريد أن يبعث بذلك معهم ، فيجعلهم على ظهور بيت في الحرّ ، فيستقبلون بوجوههم الشمس ليلوحهم تلويح المسافر ، ثمّ يأمرهم أن يخرجوا إلى طريق المدينة ، ثمّ يرسل رسلاً يخبروا بقدومهم فيأمر بتلقّيهم ، فإذا لقوا الناس قالوا لهم : ليس عندنا خبر ، الخبر في الكتب ، فيتلقّاهم ابن أبي حذيفة ومعه الناس ، فيقول لهم الرسل : عليكم بالمسجد ، فيقرأ عليهم الكتب من أُمّهات المؤمنين : إنّا نشكو إليكم يا أهل الإسلام كذا وكذا من الطعن على عثمان ، فيضجّ أهل المسجد بالبكاء والدعاء ، فلمّا خرج المصريّون ووجّهوا نحو المدينة على عثمان شيّعهم محمد بن أبي حذيفة إلى عجرود ثمّ رجع.
قال الأميني : أترى هذا الصحابيّ العظيم كيف يجدّ ويجتهد في إطفاء هذه النائرة ولا يخاف ـ فيما يعتقد أنّه في الله ـ لومة لائم ، غير مكترث لما بهته به العثمانيّون من اختلاق الكتب على أُمّهات المؤمنين ، وتسويد الوجوه بمواجهة الشمس ، ولم يزل على
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٥ / ١٠٩ [٤ / ٣٥٧ حوادث سنة ٣٥ ه] ، الاستيعاب : ١ / ٢٣٣ [القسم الثالث / ١٣٦٩ رقم ٢٣٢٦] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ٦٧ [٢ / ٢٨٠ حوادث سنة ٣٥ ه] ، الإصابة : ٣ / ٣٧٣ [رقم ٧٧٦٧]. (المؤلف)
(٢) الزيادة من المصدر.