وحكيم بن جبلة فأتوا بالكتاب ، فأنكر عثمان أن يكون كتبه ، وقال : هذا مُفتعل. قالوا : فالكتاب كتاب كاتبك؟ قال : أجل ، ولكنّه كتبه بغير إذني. قالوا : فالجمل جملك؟ قال : أجل ، ولكنّه أخذ بغير علمي. قالوا : ما أنت إلاّ صادق أو كاذب ، فإن كنت كاذباً فقد استحققت الخلع لما أمرتَ به من سفك دمائنا بغير حقّها ، وإن كنت صادقاً فقد استحققت أن تُخلع لضعفك وغفلتك وخبث بطانتك ، لأنّه لا ينبغي لنا أن نترك على رقابنا من يُقتطع مثل [هذا] (١) الأمر دونه لضعفه وغفلته ، وقالوا له : إنّك ضربت رجالاً من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيرهم حين يعظونك ويأمرونك بمراجعة الحقّ عندما يستنكرون من أعمالك ، فأقِد من نفسك من ضربته وأنت له ظالم ، فقال : الإمام يُخطئ ويُصيب فلا أقيد من نفسي ؛ لأنّي لو أقدت كلّ من أصبته بخطإ آتي على نفسي. قالوا : إنّك قد أحدثت أحداثاً عظاماً فاستحققت بها الخلع ، فإذا كلّمت فيها أعطيت التوبة ، ثمّ عدت إليها وإلى مثلها ، ثمّ قدمنا عليك فأعطيتنا التوبة والرجوع إلى الحقّ ، ولامنا فيك محمد بن مسلمة ، وضمن لنا ما حدث من أمر ، فأخفرته فتبرّأ منك وقال : لا أدخل في أمره ، فرجعنا أوّل مرّة لنقطع حجّتك ونبلغ أقصى الأعذار إليك ، نستظهر بالله عزّ وجلّ عليك ، فلحقنا كتاب منك إلى عاملك علينا تأمره فينا بالقتل والقطع والصلب. وزعمت أنّه كُتب بغير علمك وهو مع غلامك وعلى جملك وبخطّ كاتبك وعليه خاتمك ، فقد وقعت عليك بذلك التهمة القبيحة ، مع ما بلونا منك قبل ذلك من الجور في الحكم والأثرة في القسم والعقوبة للأمر بالتبسّط من الناس ، والإظهار للتوبة ، ثمّ الرجوع إلى الخطيئة ، ولقد رجعنا عنك وما كان لنا أن نرجع حتى نخلعك ونستبدل بك من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من لم يُحدث مثل ما جرّبنا منك ، ولم يقع عليه من التهمة ما وقع عليك ، فاردد خلافتنا واعتزل أمرنا ، فإنّ ذلك أسلم لنا منك ، وأسلم لك منّا ، فقال عثمان : فرغتم من جميع ما تريدون؟ قالوا : نعم. قال :
__________________
(١) من تاريخ الطبري.