في موضع الجنائز فأبت الأنصار ، وأقبل عمير بن ضابئ وعثمان موضوع على باب ، فنزا عليه فكسر ضلعاً من أضلاعه وقال : سجنت ضابئاً حتى مات في السجن.
وأخرج ابن سعد والطبري من طريق مالك بن أبي عامر ، قال : كنت أحد حملة عثمان رضى الله عنه حين قتل ، حملناه على باب ، وإنّ رأسه لتقرع الباب لإسراعنا به ، وإنّ بنا من الخوف لأمراً عظيماً حتى واريناه في قبره في حشّ كوكب.
وأخرج البلاذري من رواية أبي مخنف : أنّ عثمان رضى الله عنه قتل يوم الجمعة ، فترك في داره قتيلاً ، فجاء جبير بن مطعم ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، ومسور بن مخرمة الزهري ، وأبو الجهم بن حذيفة العدوي ليصلّوا عليه ويجنّوه (١) ، فجاء رجال من الأنصار فقالوا : لا ندعكم تصلّون عليه ، فقال أبو الجهم : إلاَّ تَدَعونا نصلّي عليه فقد صلّت عليه الملائكة ، فقال الحجّاج بن غزيّة : إن كنت كاذباً فأدخلك الله مدخله ، قال : نعم حشرني الله معه ، قال ابن غزيّة : إنّ الله حاشرك معه ومع الشيطان ، والله إنّ ترك إلحاقك به لخطأ وعجز. فسكت أبو الجهم ، ثمّ إنّ القوم أغفلوا أمر عثمان وشغلوا عنه ، فعاد هؤلاء النفر فصلّوا عليه ودفنوه ، وأَمَّهم جبير بن مطعم وحملت أم البنين بنت عُيينة بن حصن امرأة عثمان لهم السراج ، وحمل على باب صغير من جريد قد خرجت عنه رجلاه ، وأخرج حديث منع الصلاة عليه أبو عمر في الاستيعاب من طريق هشام بن عروة عن أبيه.
وقال : إنّه لقيهم قوم من الأنصار فقاتلوهم حتى طرحوه ، ثمّ توطّأ عمير بن ضابئ بن الحارث بن أرطاة التميمي ثمّ البرجمي بطنه ، وجعل يقول : ما رأيت كافراً ألين بطناً منه ، وكان أشدّ الناس على عثمان ، فكان يقول يومئذ : أرني ضابئاً ، أحي لي ضابئاً ليرى ما عليه عثمان من الحال. وقال ابن قتيبة في الشعر والشعراء (٢) (ص ١٢٨):
__________________
(١) الإجنان : الدفن.
(٢) الشعر والشعراء : ص ٢١٩.