ميعاد ، فقال لهم عليّ : كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر وقد سرتم مراحل ثمّ طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة ، قالوا : فضعوه على ما شئتم لا حاجة لنا في هذا الرجل ليعتزلنا وهو في ذلك يُصلّي بهم وهم يصلّون خلفه ، ويغشي من شاء عثمان وهم في عينه أدقّ من التراب ، وكانوا لا يمنعون أحداً من الكلام ، وكانوا زمراً بالمدينة يمنعون الناس من الاجتماع ... إلخ.
قال الأميني : تُعطي هذه الرواية أنّ الذي ردّ الكتائب المقبلة من مصر والبصرة والكوفة هم زعماء جيش أحجار الزيت : أمير المؤمنين عليّ وطلحة والزبير يوم صاحوا بهم وطردوهم ورووا رواية اللعن عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفيهم البدريّون وغيرهم من أصحاب محمد العدول ، فما تمكّنت الكتائب من دخول المدينة وقد أسلفنا إصفاق المؤرّخين على أنّهم دخلوها وحاصروا الدار مع المدنيّين أربعين يوماً أو أكثر أو أقلّ حتى توسّل عثمان بعليّ أمير المؤمنين عليهالسلام ، فكان هو الوسيط بينه وبين القوم ، وجرى هنالك ما مرّ تفصيله من توبة عثمان على صهوة المنبر ، ومن كتاب عهده إلى البلاد على ذلك ، فانكفأت عنه الجماهير الثائرة بعد ضمان عليّ عليهالسلام ومحمد بن مسلمة بما عهد عثمان على نفسه ، لكنّهم ارتجعوا إليه بعد ما وقفوا على نكوصه وكتابه المتضمّن لقتل من شخص إليه من مصر فوقع الحصار الثاني المفضي إلى الإجهاز عليه ، وأنت إذا عطفت النظرة إلى ما سبق من أخبار الحصارين وأعمال طلحة والزبير فيهما وقبلهما وبعدهما نظرة ممعنة لا تكاد أن تستصحّ دفاعهما عنه في هذا الموقف ، وكان طلحة أشدّ الناس عليه ، حتى منع من إيصال الماء إليه ، ومن دفنه في مقابر المسلمين ، لكن رواة السوء المتسلسلة في هذه الأحاديث راقهم إخفاء مناوأة القوم لعثمان فاختلقوا له هذه وأمثالها.
٥ ـ وأخرج (١) (ص ١٢٦) بالإسناد الشعيبي :
آخر خطبة خطبها عثمان رضى الله عنه في جماعة : إنّ الله عزّ وجلّ إنّما أعطاكم الدنيا
__________________
(١) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٣٨٤ حوادث سنة ٣٥ ه.