عبّاس قال : كنت قاعداً عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ أقبل عثمان بن عفّان رضى الله عنه ، فلمّا دنا منه ، قال : يا عثمان تُقتل وأنت تقرأ سورة البقرة ، فتقع قطرة من دمك على (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (١) وتُبعث يوم القيامة أميراً على كلّ مخذول ، يغبطك أهل الشرق والغرب ، وتشفع في عدد ربيعة ومضر.
قال الأميني : سكت الحاكم عن صحّة الحديث ، وأنصف الذهبي فقال في تلخيصه : كذب بحت ، وفي الإسناد أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجعفي ، وهو المتّهم به. انتهى.
وشيخ الجعفي أيضاً لا يتابع على حديثه ، كما قاله (٢) العقيلي وحكاه عنه الذهبي في الميزان وابن حجر في لسانه (٤ / ٤٣٨).
إنّ ممّا يُقضى منه العجب أنّ أحداً من الصحابة العدول لم يسمع هذا الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كأنّ المجلس الذي ألقى صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه هذه الكلمة كان خلواً عنهم جميعاً ، ومن العجيب أيضاً أنّه لم يروه أحد منهم لصاحبه ـ إن كان سمعه أحد ـ حتى تتداوله الألسن ، فعسى أن يكون رادعاً عن التجمهر على عثمان والاتّفاق على نبذه والجرأة على قتله ، نعم ؛ لم يسمعه أحد منه صلىاللهعليهوآلهوسلم عدا ابن عبّاس الذي كان صبيّا في عهد النبوّة لم يبلغ الحلم ، وقد توفّي صلىاللهعليهوآلهوسلم وابن عبّاس ابن ثلاث عشرة سنة كما قاله الواقدي والزبير ، وصحّحه أبو عمر في الاستيعاب ، أو عشر سنين كما روي عن ابن عبّاس نفسه من وجوه (٣) أو أكثر منها ، وربما يُشكّ في أنّه هل كان يحسن التحمّل عندئذٍ أو لا؟ ولعلّه هو أيضاً كان شاكّا في تحمّله هذا الحديث حيث جاءته استغاثة
__________________
(١) البقرة : ١٣٧.
(٢) الضعفاء الكبير : ٣ / ٤٤٤ رقم ١٤٩٢ ، ميزان الاعتدال : ٣ / ٣٥٠ رقم ٦٧١٦ ، لسان الميزان : ٤ / ٥١٢ رقم ٦٥٤٦.
(٣) راجع : مسند أحمد : ١ / ٢٥٣ [١ / ٤١٩ ح ٢٢٨٣] ، الاستيعاب : ١ / ٣٧٢ [القسم الثالث / ٩٣٣ رقم ١٥٨٨]. (المؤلف)