ابن العماد الحنبلي في الشذرات (١) (١ / ٤١) : قوله : قال لي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : وتفطر عندنا ، معناه أوّل شيء تستعمله على الريق يكون عندنا لا أنّه فطر صائم ، إذ لم يكن يومئذٍ صائماً ، فإنّ يوم قتله كان ثاني أيّام التشريق ، ولا يجوز صومه. انتهى.
وهذا التأويل يخالف ما أثنى به المؤرّخون على عثمان من أنّه كان يوم قتله صائماً ، وهو من المتسالم عليه عند القوم سلفاً وخلفاً حتى اليوم كما ذكره الأستاذ علي فكري في أحسن القصص (٣ / ١٦٤). ويضادّ أيضاً صريح ما أخرجه ابن كثير في تاريخه (٧ / ١٨٢) من طريق ابن عمر عن عثمان قال : رأيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام فقال : يا عثمان أفطر عندنا ، فأصبح صائماً وقتل من يومه.
وكذلك لا يلتئم هو وما أخرجه الهيثم بن كليب بالإسناد عن نائلة بنت الفرافصة ـ امرأة عثمان ـ قالت : لمّا حُصر عثمان ظلّ اليوم الذي كان فيه قتله صائماً ، فلمّا كان عند إفطاره سألهم الماء العذب فأبوا عليه ، وقالوا : دونك ذلك الركي (٢) ـ والركيّ في الدار الذي يلقى فيه النتن ـ قالت : فلم يفطر ، فرأيت جاراً على أحاجير متواصلة ـ وذلك في السحر ـ فسألتهم الماء العذب ، فأعطوني كوزاً من ماء فأتيته فقلت : هذا ماء عذب أتيتك به ، قالت : فنظر فإذا الفجر قد طلع فقال : إنّي أصبحت صائماً ، قالت : فقلت : ومن أين [أكلت] (٣) ولم أر أحداً أتاك بطعام ولا شراب؟ فقال : إنّي رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اطّلع عليّ من هذا السقف ومعه دلو من ماء فقال : اشرب يا عثمان ، فشربت حتى رويت ، ثمّ قال : ازدد ، فشربت حتى نهلت ، ثمّ قال : أما إنّ القوم سينكرون عليك ، فإن قاتلتهم ظفرت ، وإن تركتهم أفطرت عندنا. قالت : فدخلوا عليه من يومه فقتلوه (٤).
__________________
(١) شذرات الذهب : ١ / ٢٠٣ حوادث سنة ٣٥ ه.
(٢) والركي : البئر أيضاً.
(٣) من المصدر.
(٤) تاريخ ابن كثير البداية والنهاية : ٧ / ١٨٣ [٧ / ٢٠٤ حوادث سنة ٣٥ ه]. (المؤلف)