الحديث لعلّه قد وضع على الثقات أكثر من ألف حديث. وقال ابن عدي (١) : قد اتّهم بالوضع وادّعى الرواية عمّن لم يرهم ، ترك عامّة مشايخنا الرواية عنه ، ومن حدّث عنه نسبه إلى جدّه لئلاّ يُعرف (٢) وقال ابن عدي (٣) أيضاً : روى الكديمي عن أزهر ، عن ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر حديثاً باطلاً ، وكان ـ مع وضعه الحديث وادّعائه ما لم يسمع ـ علّق لنفسه شيوخاً (٤). وكان ابن صاعد وعبد الله بن محمد لا يمتنعان من الرواية عن كلّ ضعيف كتبا عنه إلاّ عن الكديمي فإنّهما كانا لا يرويان عنه لكثرة مناكيره ، ولو ذكرت كلّ ما أُنكِر عليه وادّعاءه ووضعه لطال ذلك. وقال الحاكم أبو أحمد : الكديمي ذاهب الحديث تركه ابن صاعد وابن عقدة وسمع منه خزيمة ولم يحدّث عنه ، وقد حفظ فيه سوء القول عن غير واحد من أئمّة الحديث (٥).
وذكر السيوطي في اللآلئ المصنوعة (٦) عدّة أحاديث في شتّى الأبحاث من طريق الكديمي ، فحكى فيها عن الحفّاظ الحكم بوضعها وقولهم : إنّ آفتها الكديمي وإنّه كذّاب وضّاع. وكأنّه نسي كلّ ما ذكره هنالك فأورد هذه الأكذوبة في تاريخ الخلفاء (٧) (ص ١١٠) محذوفة الإسناد وقال : أخرجه الحاكم وصحّحه. ألم تكن تلك الأقوال الجارحة في الكديمي نصب عينه عند عدّ فضائل عثمان؟ أم أنّ فضائل الرجل لها حساب آخر يسوّغ الغلوّ فيها كلّ كذب واختلاق؟ على أنّ الحاكم سكت عن هذه الأكذوبة ولم يصحّحها ، فنسبة التصحيح إليه لمحض إخراجه إيّاها في مستدرك الصحيحين وإلاّ فلا صراحة فيه بالتصحيح.
__________________
(١) الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٢٩٢ رقم ١٧٨٠.
(٢) كما أن الحاكم يعرّفه بالقرشي ولم يذكر نسبته إلى الكديم لئلاّ يعرف. (المؤلف)
(٣) الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٢٩٤ رقم ١٧٨٠.
(٤) في طبعة الكامل في الضعفاء المعتمدة لدينا : وادعائه مشايخ لم يكتب عنهم يخلق لنفسه شيوخاً.
(٥) راجع تهذيب التهذيب : ٩ / ٥٣٩ [٩ / ٤٧٥] ، والمصادر التي مرّت في : ٥ / ٢٦٦. (المؤلف)
(٦) اللآلئ المصنوعة : ٣ / ٢٦٤ و ٤٠٢.
(٧) تاريخ الخلفاء : ص ١٥٢.