شفة ، ويدّخر ما في علبة علمه أو في كنانة جهله إلى تزييف حديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» وأمثاله من الصحيح الوارد في فضائل مولانا أمير المؤمنين فيجابهها بكلّ جلبة ولغط ، ولا تقصر عن أشواطهما خُطى ابن كثير في تاريخه فيستند إليها مستدلاّ على ما يرومه من دحض الحقّ وترصيف الباطل ، ونحن أسلفنا في الجزء الخامس (ص ٢٦٦) في سلسلة الكذّابين والوضّاعين نزراً من أقوال الحفّاظ في جرح محمد بن يونس الكديمي وأنّه كان يضع الحديث على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد وضع أكثرمن ألف حديث ، وهاهنا نبسط القول فيها :
قال الآجري : سمعت أبا داود بن الأشعث يتكلّم في محمد بن سنان وفي محمد ابن يونس يطلق فيهما الكذب. وقال ابن التمّار : ما أظهر أبو داود السجستاني تكذيب أحد إلاّ في رجلين : الكديمي وغلام خليل. وقال أبو سهل القطّان : كان موسى بن هارون ينهى الناس عن السماع من الكديمي ويقول : قد تقرّب إليّ بأنّي كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن القاسم الأسدي وما حدّث أبي قطّ عن محمد بن القاسم الأسدي. وعن موسى بن هارون أنّه كان يقول ـ وهو متعلّق بأستار الكعبة ـ : اللهمّ إنّي أُشهدك أنّ الكديمي كذّاب يضع الحديث. وقال الشاذكوني : الكديمي وأخو الكديمي وابن الكديمي بيت الكذب. وقال أبو بكر الهاشمي : كنّا يوماً عند القاسم المطرّز وكان يقرأ علينا مسند أبي هريرة فمرّ في كتابه حديث عن الكديمي فامتنع عن قراءته ، فقام إليه محمد بن عبد الجبّار ـ وكان قد أكثر عن الكديمي ـ فقال : أيّها الشيخ أُحب أن تقرأه فأبى وقال : أنا أُحاسبه (١) بين يدي الله يوم القيامة وأقول : إنّ هذا كان يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى العلماء. وقال الدارقطني (٢) : الكديمي يُتّهم بوضع الحديث وقال : ما أحسن القول فيه إلاّ من لم يخبر حاله. وقال ابن حبّان (٣) : كان يضع
__________________
(١) في المصدر : أجاثيه.
(٢) الضعفاء والمتروكون : ص ٣٥١ رقم ٤٨٦.
(٣) كتاب المجروحين : ٢ / ٣١٢.