وليته كان لم يقل : «ما أحببت قتله ولا كرهته ، ولا أمرت به ولا نهيت عنه». أو كان لم يقل : «ما أمرت ولا نهيت ، ولا سرّني ولا ساءني».
وليته كان لم يخطب بقوله : «من نصره لا يستطيع أن يقول : خذله من أنا خير منه ، ومن خذله لا يستطيع أن يقول : نصره من هو خير منّي».
وليته كان لم ينفر أصحابه إلى قتال طالبي دم عثمان بقوله على صهوة المنبر : «يا أبناء المهاجرين انفروا إلى من يقاتل على دم حمّال الخطايا».
وليته لمّا قال له حبيب وشرحبيل : أتشهد أنّ عثمان قُتل مظلوماً؟ كان لم يجب
بقوله : «لا أقول بذلك» (١).
وليته وليته ...
والعجب كلّ العجب من قول عليّ صلوات الله عليه : فلمّا قالوا : أمير المؤمنين صدع قلبي. لما ذا صدع قلبه صلوات الله عليه ولم تكن لهذه التسمية جدّة؟ وإنّما سمّاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك وحكاه عن الله تعالى وعن جبرئيل عليهالسلام وما صدع قلبه يوم ذاك ، فعليّ من أوّل يومه هو أمير المؤمنين بنصّ من الصادع الأمين ، وما أنزل الله آية فيها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلاّ وعليّ رأسها وأميرها (٢).
١٩ ـ أخرج ابن سعد في الطبقات (٣) (٣ / ٤٧) طبع ليدن ، عن محمد بن عمر ، عن عمرو بن عبد الله بن عنبسة بن عمرو بن عثمان ، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن ابن لبيبة ، قال : إنّ عثمان بن عفّان لمّا حُصر أشرف عليهم من كوّة في الطمار فقال : أفيكم طلحة؟ قالوا : نعم. قال : أَنشدك الله هل تعلم أنّه لمّا آخى
__________________
(١) راجع ما مرّ في : ٧ / ٨١ و ٨ / ٢٨٧ و ٩ / ٦٩ و ٧٠ ، ٧٢ ، ٧٤ ، ١٧٢ ، ١٧٤. (المؤلف)
(٢) راجع ما أسلفناه في الجزء الثامن : ص ٨٧ ، ٨٩. (المؤلف)
(٣) الطبقات الكبرى : ٣ / ٦٨.