أمرتكمُ أمري بمنعرج اللوى |
|
فلم تستبينوا النصح إلاّ ضحى الغدِ |
أو على حدّ قوله :
وكم سقتُ في آثارِكمْ من نصيحةٍ |
|
وقد يستفيد الظنّة المتنصّح |
فزهٍ زهٍ بهذه المعرفة وحيّا الله العلم الناجع الذي يرى صاحبه الواجب ذنباً والمذنب منصوراً.
وأحسب أنّ الذي افتعل هذه الأكذوبة الخياليّة رجل من بسطاء الأكراد أو الأعجام البعداء عن العربيّة ، وإلاّ فالعربيّ الصميم لا يقول : الحمد لله الذي نصرني ربّي ، والحمد لله الذي غفر لي ربّي.
ولعمر بن عبد العزيز منام أشنع من هذه المهزأة يحوي فصل الخصومات الواقعة بين الإمام أمير المؤمنين ومعاوية بن هند ، أخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا أيضاً بالإسناد عن عمر بن عبد العزيز قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام وأبو بكر وعمر جالسان عنده فسلّمت عليه وجلست ، فبينما أنا جالس إذ أتي بعليّ ومعاوية ، فأُدخلا بيتاً وأُجيف الباب وأنا أنظر ، فما كان بأسرع من أن خرج عليّ وهو يقول : قُضي لي وربّ الكعبة ، ثمّ ما كان بأسرع من أن خرج معاوية وهو يقول : غُفر لي وربّ الكعبة (١).
ويظهر من الجمع بين المنامين أنّ موقف أمير المؤمنين عليّ من عثمان كان كموقف معاوية من عليّ صلوات الله عليه ، موقف الخروج على إمام الوقت ، موقف البغي والجور ، لا ضير إنّا إلى ربّنا منقلبون ، والله هو الحكم العدل يوم لا ينفع طيف ولا خيال.
٤٠ ـ أخرج البلاذري في الأنساب (٢) (٥ / ٣) من طريق سعيد بن خالد ، عن صالح
__________________
(١) تاريخ ابن كثير : ٨ / ١٣٠ [٨ / ١٣٩ حوادث سنة ٦٠ ه]. (المؤلف)
(٢) أنساب الأشراف : ٦ / ١٠١.