وقوله عليهالسلام : «إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قُبض وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي ، فبايع الناس أبا بكر ، فبايعت كما بايعوا ، ثمّ إنّ أبا بكر هلك وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي ، فبايع الناس عمر بن الخطّاب ، فبايعت كما بايعوا ، ثمّ إنّ عمر هلك وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي ، فجعلني من ستّة أسهم ، فبايع الناس عثمان» (١).
وقوله عليهالسلام يوم قال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له : اذهب فادع لي عليّا. فذهب إلى عليّ ، فقال : «ما حاجتك؟» فقال : يدعوك خليفة رسول الله. فقال عليّ : «لسريع ما كذبتم على رسول الله». فرجع فأبلغ الرسالة ، ثمّ قال أبو بكر : عُد إليه فقل له : أمير المؤمنين (٢) يدعوك لتبايع. فجاءه قنفذ فأدّى ما أُمر به ، فرفع عليّ صوته فقال : «سبحان الله لقد ادّعى ما ليس له». الحديث. الإمامة والسياسة (٣) (١ / ١٣).
إلى كلمات أخرى توقف الباحث على جليّة الحال.
فأين العصمة المزعومة؟ ثم أين الإجماع المدّعى عليه؟ وأنّى كان الإجماع على الخلافة؟ ومتى تحقّق؟ وإن تمّ الإجماع فيجب أن يحتجّ به في الخلافتين وصاحبيهما ، وإن أبطلناه ففيهما معاً.
ونحن لو اندفعنا إلى تفنيد أمثال هذه السفاسف المنبعثة عن الغلوّ في الفضائل لضاق بنا المجال عن السير في مواضيع الكتاب على أنّها غير مُبتنية على أُسس رصينة تستحقّ أخذاً بها أو ردّا عليها ، وإنّما ذكرنا هذه الأُسطورة فحسب لنعطيك شيئاً من نماذج تلكم الأقاويل المسطّرة بلا أيّ تعقّل وتدبّر ، فدونك شيئاً ممّا عزوه إلى الروايات من فضائل الثلاثة :
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٥ / ١٧١ [٤ / ٤٥٨ حوادث سنة ٣٦ ه]. (المؤلف)
(٢) في المصدر : خليفة رسول الله.
(٣) الإمامة والسياسة : ١ / ١٩ ـ ٢٠.