عكاشة الكرماني ، فحرّك رأسه فقال : رأيته وكتبت عنه وكان كذّاباً. قلت : كتبت عنه الرؤيا التي كان يحكيها؟ قال : نعم كتبت عنه فزعم أنّه عرض على شبابة : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص فيه ، أي به ، وأنّه عرض على أبي نعيم : عليّ ثم عثمان ، فقال به ، وهو كذوب ولا يحسن أنّه يكتب (١) أيضاً ، يعني أنّ شبابة لا يقول بذلك وكذا أبو نعيم ، قلت : أين رأيته؟ قال : قدم هنا مع محمد بن رافع وكان رفيقه ، كنت أرى له سمتاً ، ولقيني محمد بن رافع فكره أن يقول فيه شيئاً ، وقال لي : لا يخفى عليك أمره إذا فاتحته ، فقلت : إن رأيت أن تفيدني شيئاً ، قال : نعم. ثم كاد يصعق واضطرب بطنه ، فهالني ذلك ، ثم أقبل عليّ فقال : إنّ أوّل ما أملى عليّ أن كذب على الله وعلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى عليّ وعلى ابن عبّاس ... إلخ (٢).
وذكره الحاكم في الضعفاء فقال : منهم جماعة وضعوا كما زعموا يدعون الناس إلى فضائل الأعمال مثل أبي عصمة ومحمد بن عكاشة الكرماني ثم نقل عن سهل بن السري الحافظ أنّه كان يقول : وضع أحمد الجويباري ومحمد بن تميم ومحمد بن عكاشة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أكثر من عشرة آلاف حديث. راجع ما أسلفناه في سلسلة الكذّابين (٥ / ٢٦١) ، ولسان الميزان (٣) (٥ / ٢٨٦ ـ ٢٨٩).
فرجل هذا حاله وتلك صفته وذلك حديثه ليس بالمستطاع تصديقه على دعاويه المجرّدة في المبادئ والمعتقدات ، والعجب كلّ العجب من الفقيه الثقة الذي يعتمد على مثلها من خزاية ، قاتل الله الحبّ المعمي والمصمّ هو الذي حدا القوم إلى تفتين بسطاء الأُمّة بمثل هذه الخزعبلات ، والله يعلم إنّهم لكاذبون.
٢ ـ أخرج البلاذري في الأنساب (٤) (٥ / ٥) عن خلف البزّار ، عن أبي شهاب
__________________
(١) في المختصر : ولا يحسن أن يكذب أيضاً.
(٢) لسان الميزان : ٥ / ٢٨٧ [٥ / ٣٢٤ رقم ٧٧٦٨]. (المؤلف)
(٣) لسان الميزان : ٥ / ٣٢٤ ـ ٣٢٧ رقم ٧٧٦٨.
(٤) أنساب الأشراف : ٦ / ١٠٥.